هل تصنيف المغرب كـ”بلد آمن” من طرف الاتحاد الأوروبي تمهيد للاعتراف بمغربية الصحراء؟
في خطوة أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والحقوقية، قرر الاتحاد الأوروبي إدراج المغرب ضمن قائمة “البلدان الآمنة”، وهو تصنيف يُستخدم أساسًا لتبرير رفض طلبات اللجوء المُقدمة من مواطني هذه الدول. ورغم أن القرار يبدو في ظاهره ذا طابع تقني وإداري، إلا أن توقيته وسياقه يفتحان الباب أمام تساؤلات أعمق حول الخلفيات السياسية للخطوة الأوروبية، ومدى ارتباطها بقضية الصحراء المغربية.
القرار الأوروبي يُعد انتصارًا دبلوماسيًا للمغرب، إذ يُقر ضمنيًا بأن البلاد تنعم بالاستقرار السياسي والأمني، وهو ما يتنافى مع الحجج التي كان يقدمها بعض طالبي اللجوء. كما أنه يعكس ثقة متزايدة من طرف المؤسسات الأوروبية في الشريك المغربي، لا سيما في مجالات التعاون الأمني، مكافحة الإرهاب، والهجرة.
غير أن هذا الاعتراف بالأمن والاستقرار لا يخلو من خلفيات براغماتية. فالاتحاد الأوروبي يواجه في السنوات الأخيرة ضغطًا متزايدًا من الرأي العام حول قضية الهجرة غير النظامية. ودول كألمانيا وبلجيكا وفرنسا تجد نفسها مضطرة لتشديد سياساتها تجاه طالبي اللجوء، خصوصًا أولئك القادمين من دول تُعتبر “آمنة”. وهنا يأتي الدور المغربي، الذي بات يُنظر إليه كـ”دولة عازلة” بين أوروبا وعمق إفريقيا.
بالموازاة مع هذا التحول، برزت تساؤلات حول مدى تقاطع هذه الخطوة مع ملف الصحراء. فالاتحاد الأوروبي يتجنب تقليديًا اتخاذ مواقف صريحة بشأن النزاع، متمسكًا بدعم جهود الأمم المتحدة. إلا أن تصنيف المغرب كله – بما فيه أقاليمه الجنوبية – كبلد آمن، دون أي تفصيل جغرافي، قد يُفسَّر كإشارة غير مباشرة لقبول السيادة المغربية على الصحراء، أو على الأقل التعامل الواقعي معها كجزء لا يتجزأ من التراب الوطني المغربي.
يُضاف إلى ذلك أن الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية بين المغرب والاتحاد الأوروبي تشمل الأقاليم الجنوبية، رغم الطعون القانونية التي تقدم بها خصوم المغرب، وعلى رأسهم جبهة البوليساريو. والمحاكم الأوروبية، وإن أصدرت أحكامًا أولية تُقيّد هذه الاتفاقيات، إلا أن الواقع السياسي والاقتصادي يميل لصالح المغرب.
المراقبون يرون أن الخطوة الأوروبية ليست سوى جزء من نهج براغماتي يهدف إلى ضمان تعاون المغرب في ملفات شائكة، خاصة الهجرة ومكافحة الإرهاب. وفي المقابل، يحصل المغرب على “مكافآت دبلوماسية” غير معلنة، من ضمنها تعزيز الاعتراف الواقعي – وإن لم يكن قانونيًا – بوحدته الترابية.
ختامًا، يبدو أن قرار تصنيف المغرب كبلد آمن هو أكثر من مجرد خطوة تقنية. هو رسالة سياسية مبطنة تعكس تزايد القناعة الأوروبية بالدور المحوري للمغرب، وقد تكون خطوة ضمن مسار طويل نحو إعادة تشكيل المواقف الأوروبية من قضية الصحراء.