حين تتحول المسؤولية إلى احتقار… قراءة في تصريحات زهرة المنشودي
أثارت التصريحات الأخيرة التي أدلت بها زهرة المنشودي، نائبة رئيس المجلس الجماعي لأكادير والمكلفة بقطاع الثقافة، خلال الدورة العادية لشهر ماي 2025، موجة واسعة من الجدل، بعد قولها: “هاد الجماعة كملات البرنامج ديالها، واللي ماعجبوش الحال يخوي أكادير، ولا نجمعو ليه الفلوس و يمشي لبلاد أخرى.”
غياب الحس التمثيلي: من خدمة المواطن إلى طرده
أخطر ما تحمله هذه التصريحات ليس فقط نبرتها الاستفزازية، بل الرسالة الضمنية التي تعكس نظرة بعض المسؤولين للتمثيل السياسي. فبدلًا من اعتبار الانتقاد حقًا مشروعًا في دولة ديمقراطية، اعتُبر علامة على “التمرد” و”عدم الرضى”، والرد عليه لم يكن بالحجة أو الشرح، بل بدعوة مبطنة إلى الرحيل.
هل أصبحت المدينة ملكًا للمجلس الجماعي حتى يُطالب المعارضون بمغادرتها؟ هذا التصور يُفرغ فكرة “الخدمة العمومية” من معناها، ويحوّل العمل الجماعي إلى ما يشبه “ملكية خاصة” يتصرف فيها من هم في السلطة كما يشاؤون.
الشرعية لا تعني العصمة
ربما ترى النائبة أن المكتب المسير “أنهى برنامجه”، لكن ذلك لا يُعفيه من النقد والمحاسبة. فالشرعية الانتخابية لا تُعطي لأي مسؤول حصانة ضد الأسئلة والملاحظات. بل إن النقد هو جوهر العمل الديمقراطي، ورفضه بهذه الطريقة فيه نزعة سلطوية تمس بثقافة الحوار السياسي.
أثر التصريحات على الثقة في المؤسسات
تصريحات كهذه تهدم الجسور بين المواطن والمسؤول، وتُغذي شعور الإقصاء، وتُكرّس انطباعًا بأن المسؤولين يعيشون في برج عاجي بعيدًا عن انشغالات الناس. والأخطر أن مثل هذه العبارات قد تفتح الباب أمام مزيد من التشنج السياسي، وتُسهم في تأزيم العلاقة بين المجتمع المدني والمؤسسات المنتخبة.
تُعدّ تصريحات زهرة المنشودي مؤشرًا خطيرًا على تحوّل لغة بعض المسؤولين من لغة الحوار والمساءلة إلى لغة الإقصاء والاستهانة. وعلى المجلس الجماعي أن يعي أن شرعيته تستمد من احترام المواطنين، لا من استفزازهم. فالمسؤولية ليست امتيازًا، بل التزام أخلاقي تجاه كل سكان المدينة، سواء أيدوا المجلس أم انتقدوه.