الكوركاس يعود إلى الواجهة: دعوات لتفعيل دوره في الدفاع عن مغربية الصحراء

المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، المعروف اختصارًا بـ”الكوركاس”، هو هيئة استشارية مغربية أُنشئت عام  2006 بهدف تعزيز التنمية والدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة في الأقاليم الجنوبية والترافع عن خطة الحكم الذاتي الجديدة التي إقترحها المغرب لتحل محل خطة بيكر.
في السنوات الأخيرة، شهد نشاط المجلس جمودًا ملحوظًا، مما دفع بعض الأعضاء والشخصيات السياسية إلى الدعوة لإعادة تفعيله  وإعادة الاعتبار للمجلس وتمكينه من أداء دوره كآلية مهمة في الأقاليم الصحراوية المغربية، مشددًا على ضرورة اشتغاله بشكل مستمر ومستدام لتنفيذ برامجه بناءً على الاختصاصات المخولة له.

تفعيل “الكوركاس” يتطلب إرادة سياسية لتعزيز دوره في الدفاع عن مغربية الصحراء والمساهمة في تنمية الأقاليم الجنوبية. هذا يشمل إعادة هيكلة المجلس، تحديث مهامه، وضمان تواصله المستمر مع السكان المحليين والهيئات الدولية. كما يُنصح بتعزيز “الدبلوماسية القبلية” من خلال إشراك القبائل الصحراوية في حل النزاع، مما يسهم في توسيع المشاركة الديمقراطية وتعزيز دورها المحوري في المنطقة.
القبيلة وتعقيداتها في الأقاليم الجنوبية من كحال أركان (منطقة شمال واد نون)، الى حدود موريتانيا، تفرض على الكوركاس رهانات لإستعادة الدور المنوط به في خلق دينامية تسرع من حلحلة مشكل الصحراء ، وبذلك يحمل وزنًا سياسيًا واجتماعيًا بالغ التعقيد، ويُعدّ أحد المفاتيح الأساسية لفهم الديناميات المحلية والإقليمية المرتبطة بمشكل الصحراء. في هذا السياق، يمكن تحليل الموضوع عبر المحاور التالية:

1. القبيلة كفاعل سياسي واجتماعي،:
القبيلة في الصحراء ليست مجرد بنية اجتماعية خاضعة للجغرافيا، بل هي أيضًا إطار سياسي وتفاوضي. لها أدوار تاريخية في الوساطة، الصلح، وتدبير النزاعات، كما تمتلك شرعية رمزية تعزز من حضورها في الحقل السياسي المحلي.

في ذلك الحيز من الصحراء الغربية الممتدة من مالي شرقا الى شاطىء الأطلسي غربا وجنوبا إلى العمق الموريتاني تلعب  فيه بعض القبائل دور “الضامن الاجتماعي”، بل  تجد امتدادًا قبليًا يفرض نوعًا من التوازنات العابرة للحدود ولذلك وجب تجديد ألية لإختيار ممثلين عن القبائل تتوفر فيهم الشروط الأكاديمية في تخصصات سياسية، تاريخية وحقوقية .

2. الكوركاس ورهان التفعيل:
واعتبارا للتحولات الجيلية داخل البُنى القبلية التي  تستدعي تجديد آليات الاشتغال، والانتقال من “التمثيلية الرمزية” إلى “المشاركة الفعلية فإن الكوركاس كهيئة ملكية استشارية وُضعت لتكون صلة وصل بين الدولة والساكنة الصحراوية، عبر تمثيلية قبلية ومدنية. عليها أن تحارب الجمود المؤسساتي الذي عاشه المجلس في السنوات الأخيرة والذي قلّص من قدرته على التأثير الفعلي لعدة أسباب يعتبر أهمها تغييب الكفاءات  واستعمال المحاباة والزبونية في ترشيح الممثلين لنيل العضوية في مجلس يفترض فيه أن يتمتع بأليات الإقناع بالطرح المغربي المتمثل في الإستقلال الذاتي تحت السيادة المغربية.

3. رهانات إعادة التفعيل
لكي يلعب الكوركاس دوره في تسريع حلحلة ملف الصحراء، لا بد من:

إعادة هيكلته وتحديث تركيبته لتشمل كفاءات شبابية، نسائية، وفاعلين مدنيين مؤثرين يمتلكون من التكوين الأكاديمي في القانون والتاريخ وحقوق الإنسان ما يأهلهم لخوض معركة الإقناع في الداخل والخارج بالطرح المغربي. وإحياء الدبلوماسية القبلية في بعدها الخارجي، لمخاطبة المجتمع الدولي من داخل النسيج الصحراوي لكن بطاقات تمتلك مفاتيح الإقناع وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن الإستعانة بقامات من عيار الدكتور عبدالودود خربوش والدكتور عبدالرحيم بوعيدة من واد نوان ممثلين عن قبائل تكنا .

إرساء مشروع تنموي حقيقي تُشرك فيه القبيلة كشريك لا كأداة، وهنا يجب أن تتخذ الدولة حذرها حيث أن هناك من يحاول الإنفراد بالقرار وبالغنيمة التي تجود بها إطالة أمد الصراع محاولا إقصاء كل المكونات القبلية التي يمكنها قلب نتائج المعادلة.


الحل لا يمكن أن يكون فقط في العاصمة، بل يجب أن يُصاغ في الداخلة، العيون، السمارة،  طانطان وكلميم وسيدي افني  وفي عمق البوادي الصحراوية لإعتبارات قبلية لاتخضع للجغرافيا بل للتاريخ. تفعيل الكوركاس ليس مجرد قرار سياسي، بل هو فرصة لإعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع الصحراوي القبلي بطبيعته، ولبناء سردية مغربية قوية حول الصحراء، من داخل الصحراء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد