“العبودية الحديثة: عمال مغاربة ضحايا الاستغلال في أوروبا”
قبل أن يشرق الفجر، عندما لا يزال الظلام يغطي الأرض والبرد القارس يعم الأجواء، يبدأ يوم آخر من المعاناة لعمال وعاملات مغاربة في حقول وأماكن عمل شاقة. يتسلقون سلالم عالية، يحملون أكياسًا وصناديق ثقيلة، وأيديهم ترتجف من شدة البرد، في ظروف قاسية تفرض عليهم البقاء بعيدًا عن منازلهم، في مدن غريبة، بلا ماء ولا كهرباء، بأجور زهيدة وأحلام ضاعت في زحمة الغربة.
هؤلاء العمال الموسميون، الذين لا يجدون قوت يومهم في وطنهم، يجدون أنفسهم في مواجهة استغلال من نوع خاص في أوروبا. في تصريحات للفاعلين الحقوقيين، يتضح أن العديد منهم يعملون في القطاعات الزراعية والبناء والمطاعم، مجبرين على تقبل ظروف عمل لا إنسانية من أجل البقاء على قيد الحياة. ساعات عمل طويلة، أجور منخفضة، وأحيانًا العمل دون عقود رسمية، كلها عوامل تجعلهم عرضة للاستغلال المالي والاجتماعي.
وتتفاقم المعاناة لدى النساء بين هؤلاء العمال، حيث يسجل العديد منهن ضحايا للاستغلال الجنسي أو الاتجار بالبشر. يعيش هؤلاء العمال في مساكن غير صحية، قد تكون في عمارات غير مكتملة البناء، مما يزيد من تدهور حالتهم النفسية والجسدية. ومع ضعف الحماية القانونية، يجدون أنفسهم في مواجهة مع أصحاب العمل الذين يساومونهم على حقوقهم الأساسية مثل الإجازات المرضية والتأمين الاجتماعي.
إلى جانب هذه المعاناة الاقتصادية والاجتماعية، يعاني العمال المغاربة أيضًا من تحديات ثقافية ولغوية، حيث يصعب عليهم التواصل مع أصحاب العمل أو السلطات المحلية بسبب حاجز اللغة، مما يزيد من صعوبة المطالبة بحقوقهم. ورغم الجهود التي تبذلها المنظمات الإنسانية والنقابات، فإن الاستغلال لا يزال مستمرًا في العديد من الحالات.
تستدعي هذه الوضعية ضرورة إصلاح التشريعات الأوروبية لحماية حقوق العمال الموسميين وضمان حياة كريمة لهم، بدلاً من أن يكونوا مجرد أدوات للاستغلال في عالم لا يرحم.