الجزائر تنقل صراعها الدبلوماسي إلى باريس: معهد العالم العربي مسرح لحرب رمزية جديدة
في خضم التوترات المتزايدة التي تعرفها الساحة الدبلوماسية الجزائرية، وبعد سلسلة من الإخفاقات على المستوى الدولي وتدهور العلاقات مع فرنسا، يبدو أن الجزائر تحاول تغيير ميدان المواجهة نحو قلب العاصمة الفرنسية، باريس، وتحديدًا في ساحة معهد العالم العربي.
فقد شهد هذا المعهد، المعروف برمزيته الثقافية والسياسية، مظاهرة شارك فيها عدد من الناشطين الداعمين للجزائر، والذين استغلوا المناسبة لربط القضية الفلسطينية بملف الصحراء الغربية، في خطوة وُصفت من طرف مراقبين بأنها محاولة لتشويش النجاحات التي تحققها الدبلوماسية المغربية بقيادة ناصر بوريطة في المحافل الدولية.
الحدث لم يخلُ من الجدل، إذ تم عرض صور لعدد من القادة العرب والدوليين، وتلطيخها في سياق وصفه البعض بـ”الاستفزازي”، مما أثار استياء جهات اعتبرت أن هذه الأفعال تمس برمزية الشخصيات المعنية وبالمكان الثقافي الذي يحتضنها.
وتأتي هذه الخطوة في وقتٍ تعيش فيه الدبلوماسية الجزائرية حالة من الارتباك، خاصة بعد اعتراف الولايات المتحدة، في عهد الرئيس دونالد ترامب، بسيادة المغرب على الصحراء، وهو الموقف الذي لم تنجح الجزائر في معالجته أو الرد عليه بفعالية. فبينما حافظت إدارة الرئيس بايدن على الموقف نفسه، وعاد ترامب ليأكد أن الطرح المغربي هول الحل الوحيد الواقعي . فاكتفت الجزائر بالصمت أو التحركات المحدودة، ما دفعها اليوم إلى محاولة استعراض عضلاتها الدبلوماسية على حساب فرنسا، التي تراها -ربما بشكل مبالغ فيه– الحلقة الأضعف في المنظومة الغربية.
ويرى محللون أن هذه الخطوة تعكس قراءة خاطئة من طرف الجزائر لموازين القوى في أوروبا، إذ تراهن على الضغط على فرنسا –باعتبارها القوة الاستعمارية السابقة– لتحقيق مكاسب رمزية في ملف الصحراء الغربية، في وقت لا تزال فيه باريس تحاول الموازنة بين علاقاتها بالمغرب والجزائر وسط توتر متصاعد.
أما الربط بين القضية الفلسطينية و”جبهة البوليساريو”، فقد اعتبره مراقبون توظيفًا سياسويًا لقضية عادلة من أجل كسب نقاط في صراع جيوسياسي لا يمتّ لها بصلة مباشرة، وهو ما يطرح تساؤلات حول شرعية هذا التداخل وفاعليته في التأثير على الرأي العام الأوروبي والعربي.
وفي ظل هذه التطورات، يُتوقع أن تتواصل فصول المواجهة بين الجزائر والمغرب على أكثر من جبهة، بينما يبقى معهد العالم العربي، بكل ما يحمله من رمزية ثقافية وتاريخية، ساحة غير مألوفة لصراعات من هذا .