ملاعب القرب في المملكة المغربية الشريفة: تعزيز الرياضة والتنمية الاجتماعية
تعد الرياضة وسيلة فعالة لتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومن خلالها يمكن خلق فضاءات للترفيه والتواصل بين مختلف فئات المجتمع. في المملكة المغربية الشريفة، يشكل تطوير البنية التحتية الرياضية أولوية ضمن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، حيث تعتبر ملاعب القرب من أبرز المشاريع التي ساهمت في تعزيز الرياضة وتقوية النسيج الاجتماعي في الأحياء والمناطق الحضرية وشبه الحضرية.
ملاعب القرب ليست مجرد فضاءات رياضية، بل هي منصات لتعزيز التكامل الاجتماعي وتقوية الروابط بين الأفراد، خاصة الشباب. فهي توفر فضاءات آمنة لممارسة الرياضة، وتساهم في تقليص الفوارق الاجتماعية من خلال إتاحة الفرصة لجميع الفئات للاستفادة من خدمات رياضية متميزة.
تساهم ملاعب القرب كذلك في مكافحة الظواهر السلبية كالإدمان والعنف، إذ تساعد على شغل أوقات الفراغ بطريقة إيجابية ومثمرة. كما تلعب دوراً مهماً في تشجيع الناشئة على ممارسة الرياضة، مما يعزز نمط الحياة الصحي ويساهم في تطوير المواهب الرياضية المحلية.
شهدت المملكة المغربية الشريفة طفرة في إنشاء ملاعب القرب خلال السنوات الأخيرة. وفقاً لبيانات وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، تم إنشاء أكثر من 800 ملعب قرب في مختلف جهات المملكة، منها 400 ملعب تم تجهيزها خلال المرحلة الأولى من المشروع الوطني لملاعب القرب.
لكن، ورغم هذه الإنجازات، تواجه هذه الملاعب بعض التحديات. من أبرزها الحفاظ على جودة البنية التحتية، حيث تتعرض بعض الملاعب للتدهور بسبب قلة الصيانة أو سوء الاستخدام. إضافة إلى ذلك، هناك تفاوت في توزيع هذه الملاعب بين المدن الكبرى والمناطق القروية، مما يفرض ضرورة توسيع شبكة ملاعب القرب لتشمل المناطق النائية.
في إطار توجيهاته السامية، أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطابه بمناسبة الذكرى الـ19 لعيد العرش على أهمية تطوير البنية التحتية الرياضية وتوفير فضاءات للشباب تعزز مشاركتهم الفعالة في المجتمع. وقد حث جلالته على ضرورة جعل الرياضة وسيلة للتنمية وإدماج الشباب في الدينامية الاجتماعية والاقتصادية.
لضمان استدامة ملاعب القرب وتعزيز دورها في التنمية المجتمعية، يجب العمل على تطوير نماذج إدارة مستدامة تشمل المجتمع المدني، والجماعات المحلية، والقطاع الخاص. كما يجب التركيز على توفير برامج تدريبية رياضية موازية تمكن الشباب من تطوير مهاراتهم، سواء الرياضية أو الحياتية.
علاوة على ذلك، يمكن إدماج التقنيات الحديثة في إدارة وصيانة هذه الملاعب، مثل تطبيقات الحجز الإلكتروني وبرامج مراقبة الجودة. وهذا من شأنه تحسين تجربة المستخدم وضمان استفادة أكبر عدد من المواطنين من هذه الفضاءات.
تمثل ملاعب القرب في المملكة المغربية الشريفة نموذجاً ناجحاً للاستثمار في الرياضة كرافعة للتنمية الاجتماعية. ومع استمرار الجهود المبذولة لتطوير هذا المشروع الطموح، يبقى الأمل قائماً في أن تصبح هذه الفضاءات محركات رئيسية لتعزيز الاندماج المجتمعي وصقل المواهب الرياضية، بما يخدم الأجيال الحالية والمستقبلية.
علي تستاوت، خبير في الهندسة المدنية والتنمية المستدامة