رؤية ملكية لإنماء المناطق الصحراوية

في مثل هذا اليوم ومنذ خمسة وعشرين عاما، تولى الملك محمد السادس عرش المملكة المغربية، دبّر خلالها إرث والده الملك الراحل الحسن الثاني وأولى عناية واهتماما خاصين من أجل بناء وتأهيل الأقاليم الجنوبية؛ من خلال إطلاق عدد من المشاريع الهيكلية؛ متعلقة بالبنيات التحتية الضرورية ومخططات استراتيجية كبرى موجهة أساسا لتنمية الصحراء المغربية والإنسان الصحراوي.

دينامية سياسية واجتماعية ـ اقتصادية رائدة شهدتها منطقة الصحراء المغربية؛ فقد باشر الملك محمد السادس، منذ توليه مقاليد الحكم بالمملكة، تنزيل العديد من المبادرات السياسية ذات الطابع الاجتماعي لضمان حياة كريمة للمجتمع الصحراوي المغربي بالموازاة مع الإصلاحات الاقتصادية والحقوقية والسياسية.

في هذا المقال، ترصد جريدة هسبريس الإلكترونية، ارتسامات وآراء المسؤولين الجهويين بالجهات الجنوبية حول حصيلة الإنجازات الملكية خلال ربع قرن من الحكم على المستوى الحقوقي والمستوى الاقتصادي والمستوى السياسي، انطلاقا من مبادرة جبر ضرر ضحايا سنوات الرصاص وذوي حقوقهم، وتشكيل المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية واقتراح مشروع الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية وإطلاق مشاريع النموذج التنموي الخاصة بهذه الربوع وصولا إلى الرؤية الملكية الأطلسية

تنمية الصحراء
تعليقا على مسيرة ربع قرن من العطاء، قال سيدي حمدي ولد الرشيد، رئيس مجلس جهة العيون الساقية الحمراء، إن “حصيلة الـ25 سنة من حكم الملك محمد السادس هي حصيلة مشرفة وتدعونا إلى الافتخار بالانتماء إلى المملكة المغربية الشريفة؛ لأن المغرب قطع أشواطا كبيرة في إرساء دعامات اجتماعية وحقوقية واقتصادية مهمة وانتقالا ديمقراطيا بارزا”، لافتا إلى أن “الملاحظة بين 1999 و2024 تبرز انتقالا كميا ونوعيا، من خلال فتح مجموعة من الأوراش ذات الصبغة الاجتماعية والاقتصادية، بحيث نسجل تغيرا جذريا وإيجابيا في العديد من مظاهر الحياة المجتمعية وخلق برامج استثمارية وطنية مكثفة؛ وهي من الملفات التي ميزت الـ 25 سنة من الإنجاز الشامل في عهد جلالة الملك محمد السادس”.

وأضاف رئيس الجهة، في حديث خص به جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “في السنوات الأولى لتوليه السلطة أكمل عاهل البلاد مسلسل الإنصاف والمصالحة التي بدأت في تسعينيات القرن الماضي، باقتراح من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان قبل أن يُنهي نشاطها في نونبر 2003 بعد اتخاذ مجموعة من القرارات الجريئة؛ تُوجت بعودة الثقة بين الدولة والمواطنين، وبتعويض ضحايا الاعتقال السياسي وعائلاتهم”، مشيرا إلى أن “مخططات جبر ضرر ضحايا سنوات الرصاص وذوي حقوقهم المنتمين إلى الأقاليم الجنوبية ساهمت في تمكينهم من جميع مستحقاتهم المادية والمعنوية، وإعادة إدماجهم داخل الوطن الواحد”.

وأكد ولد الرشيد أن “سنة 2002 شكلت محطة مفصلية في تاريخ المنطقة، ومناسبة حقيقية لوضع حجر أساس التغيير انطلاقا من الزيارة الملكية الأولى لمدينة العيون، وعكست المكانة الخاصة التي يوليها صاحب الجلالة لهذه المنطقة بجعلها نموذجا ومثالا بارزا للتنمية الجهوية؛ وذلك عبر إحداث وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أقاليمنا الجنوبية”، موردا أنها “نتاج قرار حكيم بمناسبة زيارته للإقليم في مارس 2002؛ بحيث ساهمت في حفظ وصون التراث المادي والرأسمال البشري واللامادي للمنطقة”.

ولفت المسؤول الأول عن تدبير الشأن المحلي بجهة العيون الانتباه إلى أن “الأقاليم الجنوبية للمملكة تشكل فضاء اقتصاديا واعدا يزخر بمؤهلات كبيرة للنمو، بات يتطلع اليوم إلى المستقبل بتفاؤل وطموحات كبيرة؛ بالنظر إلى الاهتمام الخاص الذي يحظى به في السياسات العمومية بتشجيع من الملك محمد السادس الذي يولي لهذه الأقاليم العناية التي تستحقها”، مضيفا أن “المنطقة استفادت، منذ استرجاعها سنة 1975، من مجهودات استثمارية مهمة قادتها السلطات العمومية لتمكين هذا الجزء من التراب الوطني المسترجع حديثا من التجهيزات والبنيات التحتية الضرورية التي استفاد منها السكان المحليون؛ عبر تحسين الخدمات المقدمة لهم مع مرور السنوات، سواء في مجال الأمن أو الخدمات الاجتماعية الأساسية أو مستوى معيشتهم”.

“وبفضل هذا المجهود تبوأت الأقاليم الجنوبية بسرعة مكانتها من بين جهات المملكة، وأضحت تتوفر على بنيات تحتية متطورة ومؤشرات اجتماعية ومعدل مهم على مستوى الناتج الداخلي الجهوي الخام؛ كثمرة لمجهود متواصل قامت به السلطات العمومية والذي تسارعت وتيرته بعد سنة 2002″، سجل المسؤول الجهوي، الذي أضاف: “فبعد مرور ربع قرن من حكم جلالة الملك محمد السادس للمغرب يتبين أن العديد من مظاهر الإصلاح والتغيير انعكست على مقاربته في التعاطي مع ملف النزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية عبر الانتقال من سياسة ردة الفعل إلى سياسة الفعل والاستباق إلى اتخاذ القرارات الاستراتيجية لإيجاد حل ينهي الصراع المفتعل حول الصحراء المغربية”.

وتابع المصرح لهسبريس بأن “في عهد الملك محمد السادس، تبنى المغرب سياسة رشيدة تتمثل أساسا في تقوية الجبهة الداخلية، ونهج سياسة خارجية منفتحة على جميع القوى الإقليمية والدولية لتحصين وحدته الترابية وحماية أمنه واستقراره؛ وذلك عبر إنشاء المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية ‘الكوركاس’، خلال الزيارة الثانية لمدينة العيون سنة 2006، والذي يعد لبنة أساسية في صرح التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالأقاليم الجنوبية، هدفه مساعدة جلالة الملك في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية وصيانة هويتها الثقافية”.

وأشار ولد الرشيد إلى أن “المواطن الصحراوي بدأ يلمس بشكل جدي ملامح التغيير على الأرض، بعد اقتراح الملك مشروع الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية سنة 2007؛ وهي المبادرة الرسمية التي لاقت زخما وترحيبا كبيرين من قبل السكان المحليين أولا، وإجماعا من جانب العديد من الجهات الدولية والإقليمية؛ والتي رأت في هذه المبادرة حلا جريئا ومنطقيا لنزع فتيل الأزمة والإطار الوحيد الممكن والأنسب لحل قضية صحرائنا المغربية”، مبرزا “أهمية المبادرة في تجسيد الرؤية الملكية المتعلقة بموضوع الجهوية الموسعة التي أثبتت فعاليتها في تعبئة الموارد والطاقات المحلية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والتكامل التنموي بين مختلف جهات المملكة”.

وشدد المتحدث ذاته على أن “الزخم الذي باتت تعرفه مبادرة الحكم الذاتي توج بالاعترافات الدولية المهمة؛ كاعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، وإقرار الحكومة الإسبانية بتعزيز الطرح نفسه، إلى جانب دعم الوحدة الترابية للمملكة المعبر عنه من طرف الجانبين الألماني والسويسري، بالإضافة إلى الاعتراف الفرنسي المرتقب”، موضحا أن “بفضل الانتصارات الدبلوماسية المتتالية بقيادة جلالة الملك أضحت قضية الصحراء تعرف دينامية سياسية مهمة ترجمها توالي فتح التمثيليات الدبلوماسية بحواضر الصحراء المغربية؛ وساهمت في تعزيز انخراط جهتي العيون الساقية الحمراء والداخلة وادي الذهب في الدينامية السياسية والاقتصادية المتسارعة التي تروم خدمة القضية الوطنية الأولى للمملكة، وتوثيق أواصر الشراكة والتعاون مع البلدان العربية والإفريقية”.

وعن مشاريع النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية، أوضح رئيس مجلس الجهة أن “الزيارة التي منّ بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، على إقليم العيون سنة 2015، توجت بإطلاق استراتيجية تنفيذ مشاريع النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية؛ وهي الرؤية التنموية المندمجة القائمة على تحليل موضوعي للوضعية الفعلية لهذه الأقاليم”، لافتا إلى أن “هذه المشاريع التي تم تنزيلها اليوم بتكلفة استثمارية ناهزت 85 مليار درهم حفزت تعزيز إشعاع الصحراء المغربية كمركز اقتصادي وحلقة وصل بين المغرب وامتداده الإفريقي، وخلقت أقطابا تنافسية من خلال تقوية محركات التنمية ومصاحبة القطاع الإنتاجي وإدماج المقاولات الصغرى والمتوسطة وتطوير التنمية الاجتماعية وتثمين الثقافة الحسانية والتدبير المستدام للموارد الطبيعية وحماية البيئة وتقوية شبكات الربط والتواصل وتوسيع صلاحيات الجهات وتمكينها من آليات الاشتغال وخلق وإحداث آليات مبتكرة للتمويل”.

وأبرز المسؤول ذاته أن “النموذج التنموي، الذي يعتمد على حماية الثروات المائية والبحرية والنهوض بالطاقات المتجددة وتقوية شبكات ربط الأقاليم الجنوبية بين باقي مدن المملكة والقارة الإفريقية، تزامن مع قرار عودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي”، مشيرا إلى أن “تنزيل مشاريع النموذج التنموي بنسب متقدمة في الجهات الجنوبية الثلاث مكن من بلورة التزامات المغرب تجاه القارة الإفريقية وترجمة أزيد من ألف اتفاقية تعاون مع البلدان الإفريقية الشقيقة على أرض الواقع”.

وبالمناسبة ذاتها، عدد ممثل ساكنة جهة العيون الساقية الحمراء، في معرض حديثه لهسبريس، المشاريع المهيكلة التي عرفتها الجهات الجنوبية الثلاث والمتضمنة في النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية، مؤكدا أنها “تشمل قطاعات ومجالات متنوعة؛ منها الفلاحة والصيد البحري والسقي والمجالات الرعوية والماء الصالح للشرب والتطهير السائل والكهرباء والصحة والثقافة والتجهيز من موانئ وطريق مزدوج ومطارات، إلى جانب الصناعة التقليدية والاقتصاد التضامني والتعليم العالي والفوسفاط”.

كما سلط رئيس الجهة الضوء على المبادرة الدولية التي أطلقها الملك محمد السادس لتيسير ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، مؤكدا أنها “تندمج بشكل تام مع المبادرة الملكية للمحيط الأطلسي التي ستصبح فضاء مشتركا للازدهار وتسريع الاندماج الاقتصادي الجهوي والإقليمي والإشعاع على الصعيدين القاري والدولي على حد سواء”، مشيرا إلى أن “مشروع ميناء الداخلة الأطلسي يقوم على مرتكزات اقتصادية وأخرى أمنية تعكس الرغبة في إرساء توجهات استراتيجية تعزز الحضور الأطلسي للقارة، وإرساء جوار يدعم التعاون والسلم، من خلال ضمان ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، وتكريس معادلة التعاون جنوب-جنوب الذي يتأسس على منطق الربح المتبادل”.

الرئيسية
سياسة
جهات
مجتمع
اقتصاد
حوادث
السلطة الرابعة
فن وثقافة
تمازيغت
رياضة
صوت وصورة
خارج الحدود

مسيرة ربع قرن من النماء تجسد الرؤية الملكية لمستقبل الصحراء المغربية
مسيرة ربع قرن من النماء تجسد الرؤية الملكية لمستقبل الصحراء المغربية
صورة: هسبريس
هسبريس – أحمد الساسي
الأحد 28 يوليوز 2024 – 18:00
في مثل هذا اليوم ومنذ خمسة وعشرين عاما، تولى الملك محمد السادس عرش المملكة المغربية، دبّر خلالها إرث والده الملك الراحل الحسن الثاني وأولى عناية واهتماما خاصين من أجل بناء وتأهيل الأقاليم الجنوبية؛ من خلال إطلاق عدد من المشاريع الهيكلية؛ متعلقة بالبنيات التحتية الضرورية ومخططات استراتيجية كبرى موجهة أساسا لتنمية الصحراء المغربية والإنسان الصحراوي.

دينامية سياسية واجتماعية ـ اقتصادية رائدة شهدتها منطقة الصحراء المغربية؛ فقد باشر الملك محمد السادس، منذ توليه مقاليد الحكم بالمملكة، تنزيل العديد من المبادرات السياسية ذات الطابع الاجتماعي لضمان حياة كريمة للمجتمع الصحراوي المغربي بالموازاة مع الإصلاحات الاقتصادية والحقوقية والسياسية.

في هذا المقال، ترصد جريدة هسبريس الإلكترونية، ارتسامات وآراء المسؤولين الجهويين بالجهات الجنوبية حول حصيلة الإنجازات الملكية خلال ربع قرن من الحكم على المستوى الحقوقي والمستوى الاقتصادي والمستوى السياسي، انطلاقا من مبادرة جبر ضرر ضحايا سنوات الرصاص وذوي حقوقهم، وتشكيل المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية واقتراح مشروع الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية وإطلاق مشاريع النموذج التنموي الخاصة بهذه الربوع وصولا إلى الرؤية الملكية الأطلسية.

تنمية الصحراء
تعليقا على مسيرة ربع قرن من العطاء، قال سيدي حمدي ولد الرشيد، رئيس مجلس جهة العيون الساقية الحمراء، إن “حصيلة الـ25 سنة من حكم الملك محمد السادس هي حصيلة مشرفة وتدعونا إلى الافتخار بالانتماء إلى المملكة المغربية الشريفة؛ لأن المغرب قطع أشواطا كبيرة في إرساء دعامات اجتماعية وحقوقية واقتصادية مهمة وانتقالا ديمقراطيا بارزا”، لافتا إلى أن “الملاحظة بين 1999 و2024 تبرز انتقالا كميا ونوعيا، من خلال فتح مجموعة من الأوراش ذات الصبغة الاجتماعية والاقتصادية، بحيث نسجل تغيرا جذريا وإيجابيا في العديد من مظاهر الحياة المجتمعية وخلق برامج استثمارية وطنية مكثفة؛ وهي من الملفات التي ميزت الـ 25 سنة من الإنجاز الشامل في عهد جلالة الملك محمد السادس”.

وأضاف رئيس الجهة، في حديث خص به جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “في السنوات الأولى لتوليه السلطة أكمل عاهل البلاد مسلسل الإنصاف والمصالحة التي بدأت في تسعينيات القرن الماضي، باقتراح من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان قبل أن يُنهي نشاطها في نونبر 2003 بعد اتخاذ مجموعة من القرارات الجريئة؛ تُوجت بعودة الثقة بين الدولة والمواطنين، وبتعويض ضحايا الاعتقال السياسي وعائلاتهم”، مشيرا إلى أن “مخططات جبر ضرر ضحايا سنوات الرصاص وذوي حقوقهم المنتمين إلى الأقاليم الجنوبية ساهمت في تمكينهم من جميع مستحقاتهم المادية والمعنوية، وإعادة إدماجهم داخل الوطن الواحد”.

وأكد ولد الرشيد أن “سنة 2002 شكلت محطة مفصلية في تاريخ المنطقة، ومناسبة حقيقية لوضع حجر أساس التغيير انطلاقا من الزيارة الملكية الأولى لمدينة العيون، وعكست المكانة الخاصة التي يوليها صاحب الجلالة لهذه المنطقة بجعلها نموذجا ومثالا بارزا للتنمية الجهوية؛ وذلك عبر إحداث وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أقاليمنا الجنوبية”، موردا أنها “نتاج قرار حكيم بمناسبة زيارته للإقليم في مارس 2002؛ بحيث ساهمت في حفظ وصون التراث المادي والرأسمال البشري واللامادي للمنطقة”.

ولفت المسؤول الأول عن تدبير الشأن المحلي بجهة العيون الانتباه إلى أن “الأقاليم الجنوبية للمملكة تشكل فضاء اقتصاديا واعدا يزخر بمؤهلات كبيرة للنمو، بات يتطلع اليوم إلى المستقبل بتفاؤل وطموحات كبيرة؛ بالنظر إلى الاهتمام الخاص الذي يحظى به في السياسات العمومية بتشجيع من الملك محمد السادس الذي يولي لهذه الأقاليم العناية التي تستحقها”، مضيفا أن “المنطقة استفادت، منذ استرجاعها سنة 1975، من مجهودات استثمارية مهمة قادتها السلطات العمومية لتمكين هذا الجزء من التراب الوطني المسترجع حديثا من التجهيزات والبنيات التحتية الضرورية التي استفاد منها السكان المحليون؛ عبر تحسين الخدمات المقدمة لهم مع مرور السنوات، سواء في مجال الأمن أو الخدمات الاجتماعية الأساسية أو مستوى معيشتهم”.

“وبفضل هذا المجهود تبوأت الأقاليم الجنوبية بسرعة مكانتها من بين جهات المملكة، وأضحت تتوفر على بنيات تحتية متطورة ومؤشرات اجتماعية ومعدل مهم على مستوى الناتج الداخلي الجهوي الخام؛ كثمرة لمجهود متواصل قامت به السلطات العمومية والذي تسارعت وتيرته بعد سنة 2002″، سجل المسؤول الجهوي، الذي أضاف: “فبعد مرور ربع قرن من حكم جلالة الملك محمد السادس للمغرب يتبين أن العديد من مظاهر الإصلاح والتغيير انعكست على مقاربته في التعاطي مع ملف النزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية عبر الانتقال من سياسة ردة الفعل إلى سياسة الفعل والاستباق إلى اتخاذ القرارات الاستراتيجية لإيجاد حل ينهي الصراع المفتعل حول الصحراء المغربية”.

وتابع المصرح لهسبريس بأن “في عهد الملك محمد السادس، تبنى المغرب سياسة رشيدة تتمثل أساسا في تقوية الجبهة الداخلية، ونهج سياسة خارجية منفتحة على جميع القوى الإقليمية والدولية لتحصين وحدته الترابية وحماية أمنه واستقراره؛ وذلك عبر إنشاء المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية ‘الكوركاس’، خلال الزيارة الثانية لمدينة العيون سنة 2006، والذي يعد لبنة أساسية في صرح التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالأقاليم الجنوبية، هدفه مساعدة جلالة الملك في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية وصيانة هويتها الثقافية”.

وأشار ولد الرشيد إلى أن “المواطن الصحراوي بدأ يلمس بشكل جدي ملامح التغيير على الأرض، بعد اقتراح الملك مشروع الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية سنة 2007؛ وهي المبادرة الرسمية التي لاقت زخما وترحيبا كبيرين من قبل السكان المحليين أولا، وإجماعا من جانب العديد من الجهات الدولية والإقليمية؛ والتي رأت في هذه المبادرة حلا جريئا ومنطقيا لنزع فتيل الأزمة والإطار الوحيد الممكن والأنسب لحل قضية صحرائنا المغربية”، مبرزا “أهمية المبادرة في تجسيد الرؤية الملكية المتعلقة بموضوع الجهوية الموسعة التي أثبتت فعاليتها في تعبئة الموارد والطاقات المحلية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والتكامل التنموي بين مختلف جهات المملكة”.

وشدد المتحدث ذاته على أن “الزخم الذي باتت تعرفه مبادرة الحكم الذاتي توج بالاعترافات الدولية المهمة؛ كاعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، وإقرار الحكومة الإسبانية بتعزيز الطرح نفسه، إلى جانب دعم الوحدة الترابية للمملكة المعبر عنه من طرف الجانبين الألماني والسويسري، بالإضافة إلى الاعتراف الفرنسي المرتقب”، موضحا أن “بفضل الانتصارات الدبلوماسية المتتالية بقيادة جلالة الملك أضحت قضية الصحراء تعرف دينامية سياسية مهمة ترجمها توالي فتح التمثيليات الدبلوماسية بحواضر الصحراء المغربية؛ وساهمت في تعزيز انخراط جهتي العيون الساقية الحمراء والداخلة وادي الذهب في الدينامية السياسية والاقتصادية المتسارعة التي تروم خدمة القضية الوطنية الأولى للمملكة، وتوثيق أواصر الشراكة والتعاون مع البلدان العربية والإفريقية”.

وعن مشاريع النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية، أوضح رئيس مجلس الجهة أن “الزيارة التي منّ بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، على إقليم العيون سنة 2015، توجت بإطلاق استراتيجية تنفيذ مشاريع النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية؛ وهي الرؤية التنموية المندمجة القائمة على تحليل موضوعي للوضعية الفعلية لهذه الأقاليم”، لافتا إلى أن “هذه المشاريع التي تم تنزيلها اليوم بتكلفة استثمارية ناهزت 85 مليار درهم حفزت تعزيز إشعاع الصحراء المغربية كمركز اقتصادي وحلقة وصل بين المغرب وامتداده الإفريقي، وخلقت أقطابا تنافسية من خلال تقوية محركات التنمية ومصاحبة القطاع الإنتاجي وإدماج المقاولات الصغرى والمتوسطة وتطوير التنمية الاجتماعية وتثمين الثقافة الحسانية والتدبير المستدام للموارد الطبيعية وحماية البيئة وتقوية شبكات الربط والتواصل وتوسيع صلاحيات الجهات وتمكينها من آليات الاشتغال وخلق وإحداث آليات مبتكرة للتمويل”.

وأبرز المسؤول ذاته أن “النموذج التنموي، الذي يعتمد على حماية الثروات المائية والبحرية والنهوض بالطاقات المتجددة وتقوية شبكات ربط الأقاليم الجنوبية بين باقي مدن المملكة والقارة الإفريقية، تزامن مع قرار عودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي”، مشيرا إلى أن “تنزيل مشاريع النموذج التنموي بنسب متقدمة في الجهات الجنوبية الثلاث مكن من بلورة التزامات المغرب تجاه القارة الإفريقية وترجمة أزيد من ألف اتفاقية تعاون مع البلدان الإفريقية الشقيقة على أرض الواقع”.

وبالمناسبة ذاتها، عدد ممثل ساكنة جهة العيون الساقية الحمراء، في معرض حديثه لهسبريس، المشاريع المهيكلة التي عرفتها الجهات الجنوبية الثلاث والمتضمنة في النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية، مؤكدا أنها “تشمل قطاعات ومجالات متنوعة؛ منها الفلاحة والصيد البحري والسقي والمجالات الرعوية والماء الصالح للشرب والتطهير السائل والكهرباء والصحة والثقافة والتجهيز من موانئ وطريق مزدوج ومطارات، إلى جانب الصناعة التقليدية والاقتصاد التضامني والتعليم العالي والفوسفاط”.

كما سلط رئيس الجهة الضوء على المبادرة الدولية التي أطلقها الملك محمد السادس لتيسير ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، مؤكدا أنها “تندمج بشكل تام مع المبادرة الملكية للمحيط الأطلسي التي ستصبح فضاء مشتركا للازدهار وتسريع الاندماج الاقتصادي الجهوي والإقليمي والإشعاع على الصعيدين القاري والدولي على حد سواء”، مشيرا إلى أن “مشروع ميناء الداخلة الأطلسي يقوم على مرتكزات اقتصادية وأخرى أمنية تعكس الرغبة في إرساء توجهات استراتيجية تعزز الحضور الأطلسي للقارة، وإرساء جوار يدعم التعاون والسلم، من خلال ضمان ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، وتكريس معادلة التعاون جنوب-جنوب الذي يتأسس على منطق الربح المتبادل”.

إنجازات بجهة كلميم
دينامية اقتصادية رائدة شهدتها جهة كلميم واد نون منذ تولي الملك محمد السادس العرش، ودشن خلالها الملك المغربي العديد من المشاريع ذات النفس السوسيو ـ اقتصادي خلال زيارتيه المتتاليتين للمنطقة سنتي 2005 و2007، بالموازاة مع عدد من الإصلاحات الاجتماعية والحقوقية المسنودة برؤية إستراتيجية على المدى الطويل.

إنجازات واستثمارات ضخمة تشهد بها مباركة بوعيدة، رئيسة مجلس جهة كلميم ـ واد نون، والتي قالت إن الأثر البالغ الذي أحدثته المشاريع الملكية الكبرى في الأقاليم الجنوبية للمملكة، ولا سيما في جهة كلميم واد نون، ليست رمزا للعناية الملكية الخاصة التي يوليها لهذه المناطق فقط؛ بل هي أيضا ركيزة أساسية لدفع عجلة التنمية والاستثمار في الجهة.

وأضافت رئيسة مجلس جهة كلميم ـ واد نون، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “بمناسبة الاحتفال بعيد العرش المجيد، الذي يتزامن مع مرور ربع قرن من حكم صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، أتقدم بأحر التهاني وأصدق التبريكات لجلالته”.

وسجلت بوعيدة أن “الطريق السريع تزنيت-الداخلة، الذي يمر عبر جهة كلميم، يعد من أبرز المشاريع الهيكلية التي تعكس الرؤية الاستراتيجية لجلالة الملك في تعزيز البنية التحتية الوطنية، وربط المناطق الجنوبية بباقي أجزاء المملكة”، مشيرة إلى أن “هذا المشروع العملاق يُسهم في تسهيل التنقل ونقل البضائع، ويفتح آفاقاً جديدة للاستثمار كما يعزز من جاذبية الجهة كوجهة استثمارية واعدة”.

وشددت رئيسة المجلس سالف الذكر على أن “ميناء الداخلة الأطلسي يُشكل محوراً حيوياً في هذا المسعى، ويهدف إلى تعزيز القدرات اللوجستية للمملكة وزيادة الصادرات، خاصة في مجالات الصيد البحري والمنتجات الزراعية. كما سيعزز هذا الميناء التكامل الاقتصادي بين الأقاليم الجنوبية وباقي مناطق المغرب بالعمل كجسر للتواصل مع الأسواق الدولية”.

وفي سياق دعم الاستثمار، أكدت المتحدثة أن “جهة كلميم واد نون، وبفضل التوجيهات الملكية، شهدت تطورات ملحوظة، لا سيما في مجال الطاقات المتجددة وباتت تتبوأ مكانة رائدة في مشاريع الطاقة الخضراء التي تساهم في تحقيق تنمية مستدامة وتوفر فرص عمل جديدة لفئة الشباب”، لافتة إلى أن “هذه المشاريع لا تعزز فقط البنية التحتية للمنطقة، بل تجعل منها نموذجاً يحتذى به في مجالات الاستدامة والابتكار”.

وزادت المسؤولة الجهوية ذاتها: “كما لم تغفل المشاريع الملكية الجانب الاجتماعي، حيث تم إطلاق مبادرات لتعزيز الخدمات الصحية والتعليمية، فضلاً عن المشاريع الثقافية التي تهدف إلى الحفاظ على التراث الثقافي والهوية الوطنية”، موضحة أن “هذا التوجه الشامل نحو التنمية يعكس التزام جلالته بتحقيق التنمية المتكاملة والمستدامة في هذه الأقاليم”.

وختمت رئيسة مجلس جهة كلميم واد نون حديثها لهسبريس بالتعبير عن “فخرها واعتزازها بهذه المنجزات التي تحققت تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة”، مجددة “العهد على مواصلة العمل بجد وإخلاص لتحقيق الرؤية الملكية لمغرب حديث ويحظى بمكانة متقدمة في مصاف الدول الرائدة في التنمية والأمن والاستقرار”.

تصحيح المسار
خلال ربع قرن من حكم الملك محمد السادس للمغرب، برزت جملة من الإصلاحات البنيوية والتحولات السياسية المهمة التي ساهمت في تغيير صورة المغرب ودوره الإقليمي والقاري، وخلال الفترة ذاتها تناوب على إدارة نزاع الصحراء المغربية خمسة مبعوثين أممين بدءا بالأمريكي جيمس بيكر وصولا إلى الإيطالي ستيفان دي مستورا؛ حيث عرف الملف تطورات إيجابية تخدم في جوهرها الوحدة الترابية للمملكة دون أن تُسهم في الحد من طول أمد الصراع الذي تجاوز عقده الخامس.

وفي هذا الصدد، قال إبراهيم بلالي اسويح، عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، إن اللافت هنا هو مقاربة المملكة المغربية في التعاطي مع ملف النزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية، إذ إنه وبعد 25 سنة من تدبير الدبلوماسية الملكية بقيادة الملك محمد السادس استطاعت تغيير العديد من انحرافات التعامل الأممي مع هذا الخلاف الإقليمي، مشيرا إلى أنه “بعد سنة من تولي محمد السادس للحكم، وتحديدا يونيو سنة 2000، صدر قرار مجلس الأمن 1359 الذي تجاوز للمرة الأولى خطة التسوية التي حرفت طبيعة النزاع وأعلن عن بداية مرحلة جديدة بعد فشل اتفاق الإطار الذي جاء به المبعوث الأممي جيمس بيكر لإنقاذ خطة التسوية السابقة؛ وهو الأمر الذي فسح المجال للدبلوماسية الملكية بأخذ زمام المبادرة بداية من سنة 2006، وهي السنة التي بدأ فيها المغرب إرساء دعائم إصلاحاته ميدانيا بما في ذلك الإعلان عن تشكيل المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية كوركاس”.

الرئيسية
سياسة
جهات
مجتمع
اقتصاد
حوادث
السلطة الرابعة
فن وثقافة
تمازيغت
رياضة
صوت وصورة
خارج الحدود

مسيرة ربع قرن من النماء تجسد الرؤية الملكية لمستقبل الصحراء المغربية
مسيرة ربع قرن من النماء تجسد الرؤية الملكية لمستقبل الصحراء المغربية
صورة: هسبريس
هسبريس – أحمد الساسي
الأحد 28 يوليوز 2024 – 18:00
في مثل هذا اليوم ومنذ خمسة وعشرين عاما، تولى الملك محمد السادس عرش المملكة المغربية، دبّر خلالها إرث والده الملك الراحل الحسن الثاني وأولى عناية واهتماما خاصين من أجل بناء وتأهيل الأقاليم الجنوبية؛ من خلال إطلاق عدد من المشاريع الهيكلية؛ متعلقة بالبنيات التحتية الضرورية ومخططات استراتيجية كبرى موجهة أساسا لتنمية الصحراء المغربية والإنسان الصحراوي.

دينامية سياسية واجتماعية ـ اقتصادية رائدة شهدتها منطقة الصحراء المغربية؛ فقد باشر الملك محمد السادس، منذ توليه مقاليد الحكم بالمملكة، تنزيل العديد من المبادرات السياسية ذات الطابع الاجتماعي لضمان حياة كريمة للمجتمع الصحراوي المغربي بالموازاة مع الإصلاحات الاقتصادية والحقوقية والسياسية.

في هذا المقال، ترصد جريدة هسبريس الإلكترونية، ارتسامات وآراء المسؤولين الجهويين بالجهات الجنوبية حول حصيلة الإنجازات الملكية خلال ربع قرن من الحكم على المستوى الحقوقي والمستوى الاقتصادي والمستوى السياسي، انطلاقا من مبادرة جبر ضرر ضحايا سنوات الرصاص وذوي حقوقهم، وتشكيل المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية واقتراح مشروع الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية وإطلاق مشاريع النموذج التنموي الخاصة بهذه الربوع وصولا إلى الرؤية الملكية الأطلسية.

تنمية الصحراء
تعليقا على مسيرة ربع قرن من العطاء، قال سيدي حمدي ولد الرشيد، رئيس مجلس جهة العيون الساقية الحمراء، إن “حصيلة الـ25 سنة من حكم الملك محمد السادس هي حصيلة مشرفة وتدعونا إلى الافتخار بالانتماء إلى المملكة المغربية الشريفة؛ لأن المغرب قطع أشواطا كبيرة في إرساء دعامات اجتماعية وحقوقية واقتصادية مهمة وانتقالا ديمقراطيا بارزا”، لافتا إلى أن “الملاحظة بين 1999 و2024 تبرز انتقالا كميا ونوعيا، من خلال فتح مجموعة من الأوراش ذات الصبغة الاجتماعية والاقتصادية، بحيث نسجل تغيرا جذريا وإيجابيا في العديد من مظاهر الحياة المجتمعية وخلق برامج استثمارية وطنية مكثفة؛ وهي من الملفات التي ميزت الـ 25 سنة من الإنجاز الشامل في عهد جلالة الملك محمد السادس”.

وأضاف رئيس الجهة، في حديث خص به جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “في السنوات الأولى لتوليه السلطة أكمل عاهل البلاد مسلسل الإنصاف والمصالحة التي بدأت في تسعينيات القرن الماضي، باقتراح من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان قبل أن يُنهي نشاطها في نونبر 2003 بعد اتخاذ مجموعة من القرارات الجريئة؛ تُوجت بعودة الثقة بين الدولة والمواطنين، وبتعويض ضحايا الاعتقال السياسي وعائلاتهم”، مشيرا إلى أن “مخططات جبر ضرر ضحايا سنوات الرصاص وذوي حقوقهم المنتمين إلى الأقاليم الجنوبية ساهمت في تمكينهم من جميع مستحقاتهم المادية والمعنوية، وإعادة إدماجهم داخل الوطن الواحد”.

وأكد ولد الرشيد أن “سنة 2002 شكلت محطة مفصلية في تاريخ المنطقة، ومناسبة حقيقية لوضع حجر أساس التغيير انطلاقا من الزيارة الملكية الأولى لمدينة العيون، وعكست المكانة الخاصة التي يوليها صاحب الجلالة لهذه المنطقة بجعلها نموذجا ومثالا بارزا للتنمية الجهوية؛ وذلك عبر إحداث وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أقاليمنا الجنوبية”، موردا أنها “نتاج قرار حكيم بمناسبة زيارته للإقليم في مارس 2002؛ بحيث ساهمت في حفظ وصون التراث المادي والرأسمال البشري واللامادي للمنطقة”.

ولفت المسؤول الأول عن تدبير الشأن المحلي بجهة العيون الانتباه إلى أن “الأقاليم الجنوبية للمملكة تشكل فضاء اقتصاديا واعدا يزخر بمؤهلات كبيرة للنمو، بات يتطلع اليوم إلى المستقبل بتفاؤل وطموحات كبيرة؛ بالنظر إلى الاهتمام الخاص الذي يحظى به في السياسات العمومية بتشجيع من الملك محمد السادس الذي يولي لهذه الأقاليم العناية التي تستحقها”، مضيفا أن “المنطقة استفادت، منذ استرجاعها سنة 1975، من مجهودات استثمارية مهمة قادتها السلطات العمومية لتمكين هذا الجزء من التراب الوطني المسترجع حديثا من التجهيزات والبنيات التحتية الضرورية التي استفاد منها السكان المحليون؛ عبر تحسين الخدمات المقدمة لهم مع مرور السنوات، سواء في مجال الأمن أو الخدمات الاجتماعية الأساسية أو مستوى معيشتهم”.

“وبفضل هذا المجهود تبوأت الأقاليم الجنوبية بسرعة مكانتها من بين جهات المملكة، وأضحت تتوفر على بنيات تحتية متطورة ومؤشرات اجتماعية ومعدل مهم على مستوى الناتج الداخلي الجهوي الخام؛ كثمرة لمجهود متواصل قامت به السلطات العمومية والذي تسارعت وتيرته بعد سنة 2002″، سجل المسؤول الجهوي، الذي أضاف: “فبعد مرور ربع قرن من حكم جلالة الملك محمد السادس للمغرب يتبين أن العديد من مظاهر الإصلاح والتغيير انعكست على مقاربته في التعاطي مع ملف النزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية عبر الانتقال من سياسة ردة الفعل إلى سياسة الفعل والاستباق إلى اتخاذ القرارات الاستراتيجية لإيجاد حل ينهي الصراع المفتعل حول الصحراء المغربية”.

وتابع المصرح لهسبريس بأن “في عهد الملك محمد السادس، تبنى المغرب سياسة رشيدة تتمثل أساسا في تقوية الجبهة الداخلية، ونهج سياسة خارجية منفتحة على جميع القوى الإقليمية والدولية لتحصين وحدته الترابية وحماية أمنه واستقراره؛ وذلك عبر إنشاء المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية ‘الكوركاس’، خلال الزيارة الثانية لمدينة العيون سنة 2006، والذي يعد لبنة أساسية في صرح التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالأقاليم الجنوبية، هدفه مساعدة جلالة الملك في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية وصيانة هويتها الثقافية”.

وأشار ولد الرشيد إلى أن “المواطن الصحراوي بدأ يلمس بشكل جدي ملامح التغيير على الأرض، بعد اقتراح الملك مشروع الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية سنة 2007؛ وهي المبادرة الرسمية التي لاقت زخما وترحيبا كبيرين من قبل السكان المحليين أولا، وإجماعا من جانب العديد من الجهات الدولية والإقليمية؛ والتي رأت في هذه المبادرة حلا جريئا ومنطقيا لنزع فتيل الأزمة والإطار الوحيد الممكن والأنسب لحل قضية صحرائنا المغربية”، مبرزا “أهمية المبادرة في تجسيد الرؤية الملكية المتعلقة بموضوع الجهوية الموسعة التي أثبتت فعاليتها في تعبئة الموارد والطاقات المحلية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والتكامل التنموي بين مختلف جهات المملكة”.

وشدد المتحدث ذاته على أن “الزخم الذي باتت تعرفه مبادرة الحكم الذاتي توج بالاعترافات الدولية المهمة؛ كاعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، وإقرار الحكومة الإسبانية بتعزيز الطرح نفسه، إلى جانب دعم الوحدة الترابية للمملكة المعبر عنه من طرف الجانبين الألماني والسويسري، بالإضافة إلى الاعتراف الفرنسي المرتقب”، موضحا أن “بفضل الانتصارات الدبلوماسية المتتالية بقيادة جلالة الملك أضحت قضية الصحراء تعرف دينامية سياسية مهمة ترجمها توالي فتح التمثيليات الدبلوماسية بحواضر الصحراء المغربية؛ وساهمت في تعزيز انخراط جهتي العيون الساقية الحمراء والداخلة وادي الذهب في الدينامية السياسية والاقتصادية المتسارعة التي تروم خدمة القضية الوطنية الأولى للمملكة، وتوثيق أواصر الشراكة والتعاون مع البلدان العربية والإفريقية”.

وعن مشاريع النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية، أوضح رئيس مجلس الجهة أن “الزيارة التي منّ بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، على إقليم العيون سنة 2015، توجت بإطلاق استراتيجية تنفيذ مشاريع النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية؛ وهي الرؤية التنموية المندمجة القائمة على تحليل موضوعي للوضعية الفعلية لهذه الأقاليم”، لافتا إلى أن “هذه المشاريع التي تم تنزيلها اليوم بتكلفة استثمارية ناهزت 85 مليار درهم حفزت تعزيز إشعاع الصحراء المغربية كمركز اقتصادي وحلقة وصل بين المغرب وامتداده الإفريقي، وخلقت أقطابا تنافسية من خلال تقوية محركات التنمية ومصاحبة القطاع الإنتاجي وإدماج المقاولات الصغرى والمتوسطة وتطوير التنمية الاجتماعية وتثمين الثقافة الحسانية والتدبير المستدام للموارد الطبيعية وحماية البيئة وتقوية شبكات الربط والتواصل وتوسيع صلاحيات الجهات وتمكينها من آليات الاشتغال وخلق وإحداث آليات مبتكرة للتمويل”.

وأبرز المسؤول ذاته أن “النموذج التنموي، الذي يعتمد على حماية الثروات المائية والبحرية والنهوض بالطاقات المتجددة وتقوية شبكات ربط الأقاليم الجنوبية بين باقي مدن المملكة والقارة الإفريقية، تزامن مع قرار عودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي”، مشيرا إلى أن “تنزيل مشاريع النموذج التنموي بنسب متقدمة في الجهات الجنوبية الثلاث مكن من بلورة التزامات المغرب تجاه القارة الإفريقية وترجمة أزيد من ألف اتفاقية تعاون مع البلدان الإفريقية الشقيقة على أرض الواقع”.

وبالمناسبة ذاتها، عدد ممثل ساكنة جهة العيون الساقية الحمراء، في معرض حديثه لهسبريس، المشاريع المهيكلة التي عرفتها الجهات الجنوبية الثلاث والمتضمنة في النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية، مؤكدا أنها “تشمل قطاعات ومجالات متنوعة؛ منها الفلاحة والصيد البحري والسقي والمجالات الرعوية والماء الصالح للشرب والتطهير السائل والكهرباء والصحة والثقافة والتجهيز من موانئ وطريق مزدوج ومطارات، إلى جانب الصناعة التقليدية والاقتصاد التضامني والتعليم العالي والفوسفاط”.

كما سلط رئيس الجهة الضوء على المبادرة الدولية التي أطلقها الملك محمد السادس لتيسير ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، مؤكدا أنها “تندمج بشكل تام مع المبادرة الملكية للمحيط الأطلسي التي ستصبح فضاء مشتركا للازدهار وتسريع الاندماج الاقتصادي الجهوي والإقليمي والإشعاع على الصعيدين القاري والدولي على حد سواء”، مشيرا إلى أن “مشروع ميناء الداخلة الأطلسي يقوم على مرتكزات اقتصادية وأخرى أمنية تعكس الرغبة في إرساء توجهات استراتيجية تعزز الحضور الأطلسي للقارة، وإرساء جوار يدعم التعاون والسلم، من خلال ضمان ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، وتكريس معادلة التعاون جنوب-جنوب الذي يتأسس على منطق الربح المتبادل”.

إنجازات بجهة كلميم
دينامية اقتصادية رائدة شهدتها جهة كلميم واد نون منذ تولي الملك محمد السادس العرش، ودشن خلالها الملك المغربي العديد من المشاريع ذات النفس السوسيو ـ اقتصادي خلال زيارتيه المتتاليتين للمنطقة سنتي 2005 و2007، بالموازاة مع عدد من الإصلاحات الاجتماعية والحقوقية المسنودة برؤية إستراتيجية على المدى الطويل.

إنجازات واستثمارات ضخمة تشهد بها مباركة بوعيدة، رئيسة مجلس جهة كلميم ـ واد نون، والتي قالت إن الأثر البالغ الذي أحدثته المشاريع الملكية الكبرى في الأقاليم الجنوبية للمملكة، ولا سيما في جهة كلميم واد نون، ليست رمزا للعناية الملكية الخاصة التي يوليها لهذه المناطق فقط؛ بل هي أيضا ركيزة أساسية لدفع عجلة التنمية والاستثمار في الجهة.

وأضافت رئيسة مجلس جهة كلميم ـ واد نون، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “بمناسبة الاحتفال بعيد العرش المجيد، الذي يتزامن مع مرور ربع قرن من حكم صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، أتقدم بأحر التهاني وأصدق التبريكات لجلالته”.

وسجلت بوعيدة أن “الطريق السريع تزنيت-الداخلة، الذي يمر عبر جهة كلميم، يعد من أبرز المشاريع الهيكلية التي تعكس الرؤية الاستراتيجية لجلالة الملك في تعزيز البنية التحتية الوطنية، وربط المناطق الجنوبية بباقي أجزاء المملكة”، مشيرة إلى أن “هذا المشروع العملاق يُسهم في تسهيل التنقل ونقل البضائع، ويفتح آفاقاً جديدة للاستثمار كما يعزز من جاذبية الجهة كوجهة استثمارية واعدة”.

وشددت رئيسة المجلس سالف الذكر على أن “ميناء الداخلة الأطلسي يُشكل محوراً حيوياً في هذا المسعى، ويهدف إلى تعزيز القدرات اللوجستية للمملكة وزيادة الصادرات، خاصة في مجالات الصيد البحري والمنتجات الزراعية. كما سيعزز هذا الميناء التكامل الاقتصادي بين الأقاليم الجنوبية وباقي مناطق المغرب بالعمل كجسر للتواصل مع الأسواق الدولية”.

وفي سياق دعم الاستثمار، أكدت المتحدثة أن “جهة كلميم واد نون، وبفضل التوجيهات الملكية، شهدت تطورات ملحوظة، لا سيما في مجال الطاقات المتجددة وباتت تتبوأ مكانة رائدة في مشاريع الطاقة الخضراء التي تساهم في تحقيق تنمية مستدامة وتوفر فرص عمل جديدة لفئة الشباب”، لافتة إلى أن “هذه المشاريع لا تعزز فقط البنية التحتية للمنطقة، بل تجعل منها نموذجاً يحتذى به في مجالات الاستدامة والابتكار”.

وزادت المسؤولة الجهوية ذاتها: “كما لم تغفل المشاريع الملكية الجانب الاجتماعي، حيث تم إطلاق مبادرات لتعزيز الخدمات الصحية والتعليمية، فضلاً عن المشاريع الثقافية التي تهدف إلى الحفاظ على التراث الثقافي والهوية الوطنية”، موضحة أن “هذا التوجه الشامل نحو التنمية يعكس التزام جلالته بتحقيق التنمية المتكاملة والمستدامة في هذه الأقاليم”.

وختمت رئيسة مجلس جهة كلميم واد نون حديثها لهسبريس بالتعبير عن “فخرها واعتزازها بهذه المنجزات التي تحققت تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة”، مجددة “العهد على مواصلة العمل بجد وإخلاص لتحقيق الرؤية الملكية لمغرب حديث ويحظى بمكانة متقدمة في مصاف الدول الرائدة في التنمية والأمن والاستقرار”.

تصحيح المسار
خلال ربع قرن من حكم الملك محمد السادس للمغرب، برزت جملة من الإصلاحات البنيوية والتحولات السياسية المهمة التي ساهمت في تغيير صورة المغرب ودوره الإقليمي والقاري، وخلال الفترة ذاتها تناوب على إدارة نزاع الصحراء المغربية خمسة مبعوثين أممين بدءا بالأمريكي جيمس بيكر وصولا إلى الإيطالي ستيفان دي مستورا؛ حيث عرف الملف تطورات إيجابية تخدم في جوهرها الوحدة الترابية للمملكة دون أن تُسهم في الحد من طول أمد الصراع الذي تجاوز عقده الخامس.

وفي هذا الصدد، قال إبراهيم بلالي اسويح، عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، إن اللافت هنا هو مقاربة المملكة المغربية في التعاطي مع ملف النزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية، إذ إنه وبعد 25 سنة من تدبير الدبلوماسية الملكية بقيادة الملك محمد السادس استطاعت تغيير العديد من انحرافات التعامل الأممي مع هذا الخلاف الإقليمي، مشيرا إلى أنه “بعد سنة من تولي محمد السادس للحكم، وتحديدا يونيو سنة 2000، صدر قرار مجلس الأمن 1359 الذي تجاوز للمرة الأولى خطة التسوية التي حرفت طبيعة النزاع وأعلن عن بداية مرحلة جديدة بعد فشل اتفاق الإطار الذي جاء به المبعوث الأممي جيمس بيكر لإنقاذ خطة التسوية السابقة؛ وهو الأمر الذي فسح المجال للدبلوماسية الملكية بأخذ زمام المبادرة بداية من سنة 2006، وهي السنة التي بدأ فيها المغرب إرساء دعائم إصلاحاته ميدانيا بما في ذلك الإعلان عن تشكيل المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية كوركاس”.

وأضاف اسويح، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، “في سنة 2007، أعلن المغرب عن مبادرته لمنح الأقاليم الجنوبية المغربية حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية؛ وذلك في تجاوب صريح مع قرارات مجلس الأمن والدعوات الدولية للخروج من المأزق الذي عرفه مسلسل تسوية هذا النزاع المفتعل”، مبرزا أن “بعد سنة 2007 وصفت كل القرارات المتعاقبة آنذاك مبادرة الحكم الذاتي بالواقعية وذات مصداقية، سواء تعلق الأمر بالقرارين 1754 او 1783 في تلك السنة أو القرار 1813 في السنة الموالية ثم القرار 1920 بعد ذلك وصولا لقرار أكتوبر الأخير رقم 2703”.

وأوضح الخبير السياسي أن “كل هذه القرارات رسخت ثوابت الحل السياسي، الذي لا يمكن أن يكون إلا سياسيا وواقعيا ومتوافقا بشأنه؛ وهو ما ينسف كل مخططات الجزائر والحركة الانفصالية للمناورة، خصوصا أن هذا الحل التوافقي لن يتم إلا بالجلوس على طاولة المفاوضات التي حددتها القرارات الأممية المتعاقبة في أن تكون مستديرة وتحمل الجزائر مسؤولية المشاركة فيها بل المسؤولية في إيجاد التسوية السياسية النهائية”، لافتا إلى أن “القرارات الأممية الأخيرة تتماشى مع مضمون الخطاب التاريخي الذي ألقاه الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى التاسعة والثلاثين للمسيرة الخضراء، إذ اعتبر أنه لا يمكن مقارنة دولة عضو في الأمم المتحدة بحركة انفصالية ولا يمكن القبول بتغيير جوهر الصراع من إقليمي إلى تصفية استعمار وأخيرا لا يمكن محاباة الجزائر باعتبارها الطرف الرئيسي في هذا النزاع المفتعل”.

وعرج الباحث في خبايا ملف الصحراء على زخم التعاطي الدولي مع ملف الوحدة الترابية، قائلا: “هو الآخر انتقل من مرحلة كانت تأثيرات الحرب الباردة السلبية والغاز الجزائري فيها تعكس مواقف عدائية للعديد من الدول حول الشرعية التاريخية للأراضي المغربية إلى واقع جديد بفضل دبلوماسية هجومية متبصرة أسفرت عن اعتراف أكثر من مائة دولة بمغربية الصحراء و84 في المائة من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة لا تعترف بالكيان الوهمي؛ بل إن الأمر تجاوز ذلك إلى فتح العديد من دول العالم لقنصليات تمثيلية لها في العيون والداخلة بلغت الحصيلة قرابة أربعين قنصلية”، مؤكدا أن “مرحلة الذروة والإشعاع على مستوى المباركة والتأييد جاءت مع إعلان قوى عظمى اعترافها الصريح والتاريخي بمغربية الصحراء؛ كما هو حال الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2020، وكذلك ألمانيا وبلجيكا وهولندا وغيرها من الدول الأوروبية التي بلغت أربع عشرة دولة تؤيد مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحتها الرباط”.

أما المنعرج الحاسم إقليميا، حسب اسويح، فكان هو “الموقف الإسباني على اعتبار الدور التاريخي والمستعمر السابق للإقليم الذي اعترف بحقيقة مغربية الأقاليم الجنوبية للمملكة؛ وهذه الحصيلة هي ثمرة مسار دبلوماسية ملكية تقود بوصلة هذا النزاع نحو تأكيد الشرعية التاريخية والقانونية حول هذا النزاع المفتعل للصحراء المغربية”.

وعلى الصعيد القاري، ختم اسويح تصريحه لهسبريس بالتأكيد على أن “التوجه الملكي بوقف سياسة الكرسي الفارغ بعد سنة 2017 أثمرت تحييد استغلال الاتحاد الإفريقي في هذا النزاع المفتعل وهامش المناورة لخصوم الوحدة الترابية، خصوصا بعد قمة نواكشوط سنة 2018، والقرار التاريخي 693 الذي حصر الاختصاص الأممي لهذا الخلاف الإقليمي وتنامي تأييد البلدان الإفريقية”، مبرزا أن “دور الدبلوماسية الملكية في أجهزة التنظيم الإفريقي، خصوصا في مفوضية السلم والأمن الإفريقي، أسفر عن تأييد قرابة ثلثي أعضاء الاتحاد للطرح المغربي”، وموردا: “عزلة الجزائر ازدادت إقليميا بعد تبني المغرب لمقاربة عسكرية متطورة وأمنية فعالة تعززت بإطلاق جلالة الملك مؤخرا للمبادرة الأطلسية الموجهة لدول الساحل التي من المنتظر أن تزيد من ربط المغرب بشراكات استراتيجية مع عمقه الأفريقي؛ مما يقزم من هامش مناورة الجزائر ومعها البوليساريو في انسداد الأفق للترويج للمشروع الانفصالي إيذانا بقرب انهياره”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد