الهيدروجين الطبيعي في( لورين) ثورة جديدة في إنتاج الطاقة

قد يكون هذا الاكتشاف نقطة تحول في طريقة إنتاجنا واستهلاكنا للطاقة، ليس فقط في فرنسا ولكن على مستوى العالم. ففي أعماق مناجم الفحم القديمة في منطقة لورين، شمال شرق فرنسا، تم العثور على احتياطي واعد من الهيدروجين الطبيعي، مما يفتح الباب أمام مصدر طاقة جديد ونظيف.
خلفية تاريخية وجغرافية.
تعد لورين، الواقعة على الحدود الفرنسية-الألمانية، منطقةً ذات تاريخ طويل في استخراج الفحم، إلا أن المناجم هناك أُغلقت قبل أكثر من عشرين عامًا. لكن المفاجأة جاءت عندما كشفت الأبحاث في مواقع مثل فولشفيلر بمقاطعة موزيل عن تركيزات مرتفعة من الهيدروجين على عمق 1,250 مترًا. كان البحث في الأصل يهدف إلى اكتشاف غاز الميثان، لكن النتيجة تجاوزت التوقعات.
الهيدروجين: طاقة المستقبل؟
يُنظر إلى الهيدروجين على نطاق واسع كبديل مستدام للوقود الأحفوري، إذ لا ينتج عن احتراقه ثاني أكسيد الكربون، مما يجعله خيارًا مثاليًا لتقليل الانبعاثات وتحقيق أهداف الطاقة النظيفة.
يمكن استخدام الهيدروجين في عدة مجالات، مثل:
تشغيل السيارات التي تعمل بخلايا الوقود.
دعم الصناعات التي تستهلك كميات كبيرة من الغاز الطبيعي، مما يقلل من الأثر البيئي.
أنواع الهيدروجين:
هناك عدة أنواع من الهيدروجين تختلف حسب طريقة إنتاجها:
الهيدروجين الأبيض: يتشكل طبيعيًا تحت الأرض دون انبعاث غازات دفيئة.
الهيدروجين الأسود والرمادي: يتم إنتاجه من الفحم والغاز الطبيعي، على التوالي.
الهيدروجين الأخضر: يُنتج من التحليل الكهربائي للمياه باستخدام الطاقة المتجددة.
نتائج التحليل الميداني
كشفت الاختبارات الأولية عن تركيزات منخفضة للهيدروجين عند أعماق ضحلة، لكنها ازدادت بشكل ملحوظ مع التعمق:
0.1% عند 200 متر.
6% بين 600 و800 متر.
أكثر من 15% عند 1,100 متر.
وقد تم جمع هذه البيانات باستخدام نظام SysMoG™، الذي تم تطويره بالتعاون مع Solexperts وحصل على براءة اختراع في أبريل 2023.
مصنع الهيدروجين الطبيعي تحت الأرض
يعتقد الباحثون أن هذا الهيدروجين يتولد باستمرار داخل الأرض، حيث تعمل المياه على تفاعل المعادن الغنية بـكربونات الحديد، ما يؤدي إلى إنتاجه بشكل طبيعي. يقول فيليب دي دوناتو، أحد الباحثين الرئيسيين:
“نتائجنا مشجعة للغاية، لأنها تُظهر أن الميثان المكتشف لا يحتوي على غازات سامة أو مسببة للتآكل، مما يعزز جدوى استخراج الهيدروجين.”
آفاق مستقبلية واعدة
في إطار مشروع REGALOR، يعتزم الباحثون إجراء قياسات جديدة بين 800 و1,000 متر في ثلاث آبار إضافية، مع توقعات بأن تصل تركيزات الهيدروجين إلى 90% على عمق 3,000 متر.
كما تقدمت شركة La Française de l’Energie بطلب للحصول على تصريح رسمي للتنقيب والإنتاج منذ مارس 2023.
نحو شبكة هيدروجين أوروبية
من جهة أخرى، يعمل مشروع mosaHYc على تطوير شبكة لنقل الهيدروجين تربط بين سارلاند (ألمانيا) وشرق فرنسا ولوكسمبورغ بحلول عام 2026، مما سيعزز التعاون الإقليمي في مجال الطاقة النظيفة.
لورين: مركز عالمي للهيدروجين الأبيض؟
إذا أثبتت التقديرات دقتها، فقد تصبح لورين واحدة من أهم مناطق إنتاج الهيدروجين الأبيض في العالم، مع احتياطي يُقدر بـ 46 مليون طن، وهو ما يتجاوز نصف الإنتاج السنوي العالمي للهيدروجين الرمادي.
هذا التحول يمكن أن يُحدث نقلة نوعية في الاقتصاد العالمي،
من خلال:
-خلق فرص عمل جديدة.
-إعادة إحياء مناطق التعدين المهجورة وتحويلها إلى مراكز طاقة متطورة.
يمثل هذا الاكتشاف فرصة ذهبية لفرنسا وأوروبا والعالم بأسره، حيث يُمكن أن يكون الهيدروجين الأبيض عاملًا رئيسيًا في التحول نحو مستقبل طاقي أكثر استدامة.
المصدر: *المركز الوطني للبحث*

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد