السلامة الطرقية والتجهيزات الجانبية: بين التحديات ومتطلبات التنمية المستدامة
تلعب السلامة الطرقية دورًا أساسيًا في تحسين جودة البنية التحتية وتقليل حوادث السير، خاصة في ظل التوسع العمراني المتسارع والزيادة المستمرة في عدد المركبات. في المغرب، حيث تتجاوز شبكة الطرق الوطنية 57,000 كيلومتر، يشكل تحسين الإشارات الطرقية وتجهيزات الأرصفة والجنبات عاملاً حاسمًا في تعزيز سلامة مستعملي الطريق وضمان تدفق حركة المرور بسلاسة وفق المعايير الحديثة للتنمية المستدامة.
تعاني العديد من المحاور الطرقية، سواء داخل المدن أو على الطرق الوطنية والطرق السيارة، من غياب أو تدهور علامات التشوير الأفقي والعمودي، مما يتسبب في ارتباك السائقين وارتفاع نسبة الحوادث، خاصة عند التقاطعات والمناطق ذات الحركة المرورية الكثيفة. إضافة إلى ذلك، فإن الأرصفة والجوانب الطرقية (Accotements) غالبًا ما تكون غير مؤهلة بالشكل المطلوب، مما يعرض المشاة وراكبي الدراجات لخطر الحوادث، خاصة في المناطق الحضرية التي تعرف ضغطًا كبيرًا على الفضاءات العمومية.

في هذا السياق، تبرز الحاجة إلى تعزيز الإشارات الطرقية بمعايير تقنية حديثة، تعتمد على مواد مقاومة للعوامل المناخية وتضمن رؤية واضحة ليلًا ونهارًا، مع اعتماد الطلاء العاكس لتحديد المسارات، وتطوير إشارات ذكية تعتمد على التكنولوجيا الرقمية لتنبيه السائقين بمستجدات الطريق في الوقت الفعلي. كما أن تأهيل الأرصفة وتحسين التجهيزات الجانبية، مثل حواجز الحماية والممرات المخصصة للمشاة، يشكل ركيزة أساسية في الحد من المخاطر وضمان تنقل آمن لمختلف مستعملي الطريق، وهو ما يندرج ضمن الرؤية الملكية السامية التي يحرص عليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي تهدف إلى جعل البنية التحتية أكثر أمانًا وحداثة وفق مقاربة متكاملة تعزز التنمية المستدامة.
في إطار رؤية متكاملة للتنمية المستدامة، شهدت بعض المدن الكبرى، مثل الرباط والدار البيضاء وطنجة، مشاريع نوعية في مجال السلامة الطرقية، حيث تم تجديد التشوير الأفقي والعمودي، وإدخال تقنيات حديثة مثل الإشارات الضوئية الذكية وكاميرات المراقبة لتعزيز التحكم في تدفق السيارات. كما تم تحسين الأرصفة والجوانب الطرقية، خاصة في الأحياء الجديدة والمناطق السياحية، لضمان فضاءات حضرية أكثر أمانًا وتنظيمًا.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تتطلب مقاربة أكثر شمولية، تقوم على تعزيز الصيانة الدورية للتجهيزات الطرقية، وإدماج المعايير البيئية في تصميم التشوير والأرصفة، إضافة إلى توسيع الاستثمارات في التقنيات الذكية التي تسهم في تقليل الحوادث وتحسين جودة السير والجولان. إن تحقيق السلامة الطرقية وفق رؤية مستدامة يستدعي تضافر الجهود بين مختلف الفاعلين، من سلطات محلية وقطاع خاص وخبراء في الهندسة المدنية، لضمان بنية تحتية حديثة تستجيب لتطلعات المواطنين وتعزز الأمن الطرقي في انسجام تام مع أهداف التنمية المستدامة.
علي تستاوت، خبير في الهندسة المدنية وباحث في التنمية المستدامة.