مزارعو فرنسا: نخبة باريس تدفعنا إلى الإفلاس
يحتج المزارعون الفرنسيون على قائمة طويلة من المظالم التي تعاني منها معظم الطبقات العاملة في البلاد، لا سيّما الارتفاع غير المسبوق في تكاليف المعيشة، لكنّهم أيضاً يشتكون بشكل محدد من تدهور أعمالهم، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، واتجاه الأرباح للانخفاض، وتراجع القدرة الشرائيّة لدى غالبيّة المواطنين، كما اللوائح الجديدة من الضرائب والرسوم، التي ترفع الدّعم عن الديزل المخصص للأغراض الزراعيّة، في وقت تبدو فيه باريس خاضعة لتوجيهات بروكسيل (مقر المفوضيّة الأوروبيّة) المعنيّة أكثر بفرض توجهات عامّة مكلفة على الدّول الأعضاء في الاتحاد الأوروبيّ لخفض انبعاثات الكربون وتحسين التنوع البيولوجي، ناهيك عن تأخرها في دفع الدّعم الموعود للمزارعين وانخراطها بلا مكابح في دعم الحرب والمجهود الحربيّ الغربي في أوكرانيا، وذلك من خلال رصد المليارات لمصلحة نظام كييف، وشحن الأسلحة إليه على حساب الميزانيات العامّة، وفتح أسواق القارة أمام المحاصيل الأوكرانية، بالإضافة إلى فرض عقوبات تجارية وماليّة على روسيا على نحو تسبب في تضخم غير مسبوق في تكاليف الطاقة والكيمياويات. وتشارك الحكومة الفرنسيّة مع ذلك مزارعيها القلق من اتفاق للتجارة الحرة مع دول ميركوسور – أي الأرجنتين والبرازيل وأوروغواي وباراغواي – قد يؤدي إلى اغراق السوق الأوروبيّة بواردات لا تفي بالضرورة بالمعايير المعتمدة في القارة. مثل السّماح باستخدام المضادات الحيوية في مزارع الدجاج مثلاً، وهو أمر تحظره القوانين الأوروبيّة، ما دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الحريص على عدم اغضاب بروكسيل إلى مناشدتها بـ«عدم التوقيع على الاتفاق في صيغته الحاليّة».