الحدائق الخضراء داخل المدن في المغرب: خطوة نحو الاستدامة والرفاهية
في سياق التحولات الحضرية السريعة التي يشهدها المغرب، برزت الحدائق الخضراء كمكون أساسي في استراتيجيات التنمية المستدامة. وفقاً لرؤية جلالة الملك محمد السادس، تُعتبر هذه المساحات جزءاً من جهود المملكة لتعزيز البيئة الحضرية وتحسين نوعية الحياة للمواطنين. الحدائق الخضراء ليست فقط ملاذاً للراحة والترفيه، بل تمثل أيضاً عنصراً مهماً في تحسين جودة الحياة وتقليل تأثير التلوث البيئي. من الدار البيضاء إلى الرباط ومراكش، تتزايد جهود المدن المغربية لدمج هذه الحدائق في بنيتها الحضرية.
تسهم الحدائق في تحسين البيئة الحضرية من خلال توفير مساحات خضراء تساعد على تقليل التلوث الهوائي وامتصاص الغازات الضارة مثل ثاني أكسيد الكربون. كما أن هذه الحدائق تلعب دوراً مهماً في زيادة المساحات المخصصة للترفيه والمشي، ما يسهم في تعزيز الصحة العامة للمواطنين. في الدار البيضاء، على سبيل المثال، تم تطوير حديقة “أنفا بارك” التي تعد من أبرز المشاريع الخضراء في المدينة، وتستقطب الزوار الباحثين عن الراحة في قلب المدينة الصاخبة.
لكن في الوقت نفسه، تظل هذه المشاريع تواجه تحديات كبيرة، أبرزها نقص المساحات المتاحة للتوسع الأخضر نتيجة للنمو العمراني السريع. فغالباً ما تقتصر المساحات الخضراء على بعض الحدائق المحدودة في الأحياء الراقية، بينما تعاني المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة من نقص حاد في هذا النوع من الفضاءات.
لكن مع ذلك، بدأت الحكومة والمجالس المحلية في تبني سياسات تدعم إنشاء المزيد من الحدائق الخضراء في جميع أنحاء المدن. في مدينة مراكش، تم إطلاق مشروع “حديقة النخيل” الذي يهدف إلى تعزيز المساحات الخضراء وسط المدينة وتوفير بيئة طبيعية للمواطنين.
إن مستقبل الحدائق الخضراء في المغرب يرتبط ارتباطاً وثيقاً باستراتيجية التنمية المستدامة التي ينتهجها المغرب. وفقاً لرؤية 2030، من المتوقع أن تشهد مدن المغرب مزيداً من المشاريع التي تستهدف تحويل المدن إلى فضاءات أكثر خضرة وصحة. من خلال هذا التحول، يطمح المغرب إلى أن تكون هذه الحدائق الخضراء جزءاً من الحلول المستدامة التي تساهم في تحسين نوعية الحياة وتقليل آثار التغير المناخي.
بقلم علي تستاوت
خبير في الهندسة المدنية والتنمية المستدامة