استراتيجيات محاربة العشوائيات في المغرب: نحو مدن عادلة ومتكاملة

تعاني بعض المناطق الحضرية في المملكة المغربية الشريفة من ظاهرة انتشار العشوائيات التي تؤثر بشكل كبير على جودة الحياة والانسجام الاجتماعي داخل المدن. تُعتبر محاربة العشوائيات تحديًا كبيرًا يتطلب تضافر الجهود بين مختلف الفاعلين لتحقيق تنمية مستدامة تُراعي احتياجات السكان وتضمن العدالة الاجتماعية.

تُظهر التجربة المغربية نجاحًا نسبيًا في التعامل مع هذه الظاهرة من خلال برامج ومبادرات متنوعة. من أبرز هذه البرامج، برنامج “مدن بدون صفيح” الذي أُطلق في عام 2004، تحت توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. يهدف هذا البرنامج إلى القضاء على السكن غير اللائق وتوفير مساكن لائقة للسكان المستفيدين، مع ضمان الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للسكان في أحياء حضرية تتوفر على جميع الخدمات الأساسية.

لقد أسهم البرنامج في تحسين ظروف العيش لأكثر من 1.5 مليون مواطن مغربي، وتم إعلان حوالي 60 مدينة مغربية خالية من الصفيح. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات مرتبطة بالتمويل، وتهيئة الأراضي الحضرية، وإشراك جميع الأطراف المعنية لضمان استدامة النتائج المحققة.

من جهة أخرى، ركزت الاستراتيجيات الحديثة على تحويل المناطق العشوائية إلى أحياء نموذجية، من خلال تحسين البنية التحتية، وإدماج السكان في المنظومة الحضرية، وتوفير فرص عمل للسكان المحليين. كما تم تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لضمان تمويل المشاريع الكبرى المتعلقة بالسكن الاجتماعي والبنية التحتية.

إن التصدي لظاهرة العشوائيات في المغرب يتطلب مقاربة شمولية تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاجتماعية، الاقتصادية، والبيئية. كما أن توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس تشكل بوصلة لهذه الجهود، حيث دعا جلالته إلى ضرورة تحسين ظروف السكن واحترام كرامة المواطن المغربي، مع السعي لتحقيق تنمية متوازنة تشمل جميع مناطق المملكة.

يبقى الهدف الأسمى هو بناء مدن مغربية عادلة ومتكاملة تضمن الكرامة والعيش الكريم لكل مواطن، مع تعزيز الاستدامة ومراعاة البعد الإنساني والاجتماعي في التخطيط الحضري.

بقلم علي تستاوت خبير في التنمية المستدامة و الهندسة المدنية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد