قرار جديد لتسهيل معادلة الشهادات للمغاربة خريجي الجامعات والمدارس العليا الفرنسية
أعلن وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عن قرار جديد يهدف إلى تسهيل معادلة الشهادات بالنسبة للطلبة المغاربة الحاصلين على diplômes من الجامعات الفرنسية. القرار، الذي تم نشره في النشرة الرسمية عدد 7392 بتاريخ 10 فبراير 2025، يهدف إلى تبسيط الإجراءات وتقصير المدة الزمنية المطلوبة لمعادلة الشهادات، حيث سيتم الاعتراف بها بشكل أسرع وأكثر بساطة.
معادلة الشهادات بين المغرب وبلجيكا: تحديات مستمرة رغم الاعتراف الأوروبي
في خضم التغيرات المتسارعة التي يشهدها المشهد التعليمي بالمغرب، طفا إلى السطح مؤخراً موضوع الاعتراف التلقائي بالشهادات الفرنسية، في خطوة وصفت بأنها استجابة طبيعية للعلاقات التاريخية والثقافية بين البلدين. غير أن هذه الخطوة، رغم أهميتها، سلطت الضوء على واقع مرير تعيشه فئات واسعة من الكفاءات المغربية القادمة من دول أوروبية أخرى، وفي مقدمتها بلجيكا.
كخريج من المدارس العليا البلجيكية، عايشت هذا الواقع عن قرب. إذ أن تجربة معادلة الشهادات، سواء العليا أو حتى الثانوية، تحولت إلى مسار طويل ومعقد، محفوف بإجراءات إدارية متشابكة، ومطبوع ببطء قاتل لا يعترف لا بالجهد المبذول ولا بمستوى التكوين الرفيع الذي نتلقاه في بلجيكا.
فرغم أن الشهادات البلجيكية معترف بها أوروبياً وتضاهي، بل في بعض الأحيان تتفوق أكاديمياً على نظيراتها في فرنسا، إلا أن المساطر المعتمدة بالمغرب تضع أمامنا سلسلة من المتطلبات والانتظارات، تبدأ بتجميع وثائق متفرقة، ولا تنتهي إلا بعد مرور شهور طويلة، وربما سنوات، دون أي ضمانة حقيقية بمعادلة عادلة أو سريعة.
الأكثر إيلاماً في هذه التجربة هو الإحساس بالتمييز الصامت: لماذا يُعامل خريجو فرنسا بمعاملة خاصة ويتمتعون بمعادلة تلقائية، بينما يُفرض على خريجي بلجيكا المرور عبر سلسلة من العقبات البيروقراطية؟ أين هي العدالة التي نتغنى بها؟ وأين هي السياسات التي ترفع شعار تشجيع الكفاءات المغربية بالخارج؟
لقد لمست شخصياً، في كل مرحلة من مراحل المعادلة، غياب رؤية موحدة تحترم مبدأ المساواة بين مختلف حاملي الشهادات الأوروبية. والأمر لا يتوقف عند التعليم العالي فحسب، بل يطال أيضاً خريجي التعليم الثانوي الراغبين في متابعة دراستهم بالمغرب، والذين يصطدمون بنفس التعقيدات، رغم أن المنطق يفرض تسهيل ولوجهم إلى المنظومة التعليمية الوطنية.
أمام هذا الوضع، أطرح التساؤلات التالية بمرارة وصدق:
لماذا لا يُعتمد مبدأ المعاملة بالمثل بين دول الاتحاد الأوروبي والمغرب فيما يتعلق بالاعتراف بالشهادات؟
لماذا لا يتم وضع إطار واضح وشفاف، يعامل جميع الشهادات الأوروبية بنفس المعيار الأكاديمي والمهني؟
أين هي الإرادة السياسية الحقيقية لتسهيل عودة الكفاءات المغربية إلى وطنها الأم؟
غير أن المفارقة هنا، والتي تستوجب التذكير بها بقوة، أن هذا التبسيط يقتصر فقط على الشهادات الفرنسية. أما الخريجون من المدارس العليا أو الجامعات البلجيكية، فلا يزالون يواجهون نفس المسطرة التقليدية الثقيلة، وكأنهم في موقع أدنى مقارنة بنظرائهم.
لقد آن الأوان لإعادة النظر في السياسات التعليمية والإدارية المرتبطة بالمعادلات. المغرب اليوم بحاجة إلى كل كفاءاته، سواء القادمة من فرنسا أو بلجيكا أو غيرها. فلا تنمية حقيقية دون استثمار الطاقات المغربية أينما كانت. ولا قيمة لشعارات “تشجيع العودة” إذا استمرت العراقيل في وجه من يريد العودة والمساهمة في بناء بلده.
هذه كلماتي، أكتبها اليوم من قلب التجربة ومن عمق الألم، ليس رغبة في الشكوى، ولكن إيماناً بأن التغيير يبدأ من الاعتراف بالمشكلة أولاً، والسعي إلى تصحيحها بشجاعة ومسؤولية.
علي تستاوت
صحفي مغربي من الجالية، خبير في الهندسة المدنية والبناء، باحث في قضايا التنمية المستدامة.