الترامواي المغربي: الحاضر والمستقبل

يُعد الترامواي في المغرب من المشاريع الحضرية البارزة التي أحدثت نقلة نوعية في التنقل داخل المدن الكبرى مثل الدار البيضاء والرباط. في إطار رؤية جلالة الملك محمد السادس لتطوير البنية التحتية وتعزيز الخدمات الحضرية، تم إطلاق أول خط للترامواي في الدار البيضاء عام 2012، ليثبت هذا المشروع فعاليته في الحد من الازدحام المروري وتحسين جودة النقل الحضري. في الرباط، العاصمة السياسية للمملكة، شهدت أيضًا إطلاق نظام الترامواي عام 2011، مما ساهم بشكل كبير في تحسين التنقل داخل المدينة، التي تعرف كثافة سكانية عالية تصل إلى حوالي 2 مليون نسمة.

لكن مع هذا النجاح، تظل هناك تحديات، لا سيما مع النمو الديموغرافي المستمر والتوسع الحضري السريع. على الرغم من أن الرباط قد استفادت من شبكة الترامواي في تسهيل التنقل داخل المدينة، فإن الحاجة إلى توسيع هذه الشبكة لتشمل مناطق الأطراف والمناطق السكنية النائية تظل قائمة. في عام 2022، تمت إضافة خط جديد لربط حي أكدال بمناطق أخرى، ما يعكس التزام الحكومة بتوسيع هذا المشروع لتلبية احتياجات المواطنين.

المستقبل يشير إلى تعزيز مشاريع الترامواي في مدن أخرى مثل مراكش وفاس، وهو ما يهدف إلى تخفيف الضغط على البنية التحتية الحضرية ورفع مستوى الخدمات البيئية. من خلال الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في التشغيل واستخدام الطاقة النظيفة، يأمل المغرب في أن يكون الترامواي جزءًا رئيسيًا من الحلول المستدامة التي يسعى إليها لتعزيز التنقل الأخضر وتقليل الانبعاثات.

بالنظر إلى الواقع الحالي، حيث بلغ عدد الركاب في مدينة الدار البيضاء حوالي 150,000 راكب يوميًا في عام 2023، ويشهد الرباط أيضًا أعدادًا متزايدة من الركاب يوميًا، تبرز الحاجة إلى تطوير وتوسيع هذه الشبكات لتشمل مناطق أوسع. إن هذه المشاريع تمثل جزءًا من رؤية الحكومة لتطوير بنية تحتية حضرية مستدامة تتماشى مع متطلبات العصر وتحديات المستقبل، وذلك تماشيًا مع الأهداف التي وضعتها المملكة ضمن رؤية 2030 لتحقيق تنقل حضري نظيف وفعّال.

بقلم علي تستاوت، خبير في الهندسة المدنية والتنمية المستدامة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد