الثقافة الحسانية في أقاليم الصحراء المغربية.

يعتبر التراث الثقافي الحساني، جزءًا أصيلًا من الهوية المغربية المتعددة الروافد، وهو يمثل مكونًا ثقافيًا وحضاريًا متميزًا في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، حيث يجمع بين العراقة والأصالة، ويعكس نمط حياة سكان الصحراء الذين تميزوا بروح الكرم، والشجاعة، والتشبث بالأرض والوطن.

ويرجع أصل الثقافة الحسانية لارتباطها بقبائل *بني حسان* العربية، التي استقرت في الصحراء بعد هجرتها من شبه الجزيرة العربية في القرن الحادي عشر الميلادي، ومع مرور الزمن، اندمجت هذه القبائل مع السكان الأصليين من الأمازيغ والصحراويين، فنتج عن هذا التفاعل مزيج ثقافي فريد يُعرف اليوم بالثقافة الحسانية.

الثقافة الحسانية في أقاليم الصحراء المغربية.

فاللغة الحسانية هي الركيزة الأساسية لهذه الثقافة، إذ تُعد لهجة عربية مميزة تجمع بين الفصاحة والبساطة، وتحتوي على مفردات من العربية والأمازيغية والإفريقية. وتُستعمل الحسّانية في الحياة اليومية، وفي الشعر، والغناء، والتواصل الاجتماعي، مما يجعلها وسيلة للحفاظ على الذاكرة الجماعية.

وتتميز الثقافة الحسانية بعدة مظاهر فنية وتراثية، منها:

*الشعر الحساني (لغْنَة):* وهو من أبرز أشكال التعبير الفني، يُستعمل في مدح القبائل، ووصف الطبيعة، والتعبير عن المشاعر الوطنية والاجتماعية.

*الزي التقليدي:* يتمثل في الدرّاعة للرجال والملحفة للنساء، وهما لباسان يعكسان البساطة والأناقة، ويتناسبان مع طبيعة المناخ الصحراوي.

*الموسيقى والرقص:* تستعمل فيها آلات تقليدية مثل “التيدنيت” و“آردين”، وتُؤدى في المناسبات الاجتماعية كالزواج والاحتفالات الوطنية.

*الضيافة الصحراوية:* من القيم المركزية في المجتمع الحساني المغربي، حيث يُقدَّم الشاي الأخضر رمزًا للكرم والاحترام.

فالمجتمع الحساني قائم على قيم التضامن والاحترام المتبادل، وتحتل القبيلة مكانة مهمة في التنظيم الاجتماعي. كما تُعطى المرأة مكانة متميزة، فهي حافظة التراث وناقلة القيم والتقاليد.

وتعمل المملكة المغربية على صون الثقافة الحسانية بأقاليمنا الجنوبية ضمن مشروع الجهوية المتقدمة، حيث تم إدراجها في الدستور المغربي لسنة 2011 كمكوّن أساسي من مكونات الهوية الوطنية الموحدة. كما تُنظَّم مهرجانات وأنشطة ثقافية (كمهرجان طانطان ومهرجان السمارة) لتعزيز هذا التراث ونقله للأجيال الصاعدة.

والثقافة الحسانية ليست مجرد تراث محلي، بل هي رمز للوحدة والتنوع المغربي، تجسد روح الانفتاح والتعايش بين المكونات الثقافية المختلفة، والحفاظ عليها هو حفاظ على الذاكرة الوطنية وعلى أحد أبرز وجوه الهوية المغربية الأصيلة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد