احياء رحلات ابن بطوطة من جديد بالصين
تعتبر مبادرة إحداث مركز الدراسات و الأبحاث بالصين من طرف عدد من الأساتذة و الباحثين و بتنسيق مع متحف بيجين خو يوان من المبادرات الثقافية المهمة التي ستساهم بالتعرف بالمغرب و تعزز التبادلات الثقافية بين المغرب و الصين ،
جاءت هذه المبادرة تحقيقا لأمنية الإمام و البروفيسور إسماعيل ما جينبينج رحمه الله أستاذ اللغة العربيه بجامعة بكين و ثاني مترجم لكتاب “تحفة النظار في غرائب الأمصار و عجائب الأسفار” إلى اللغة الصينية و هي ترجمة لرحلات ابن بطوطة . و اليوم و بمجهود كل من البرفسور لي روهونغ رئيس مؤسسة بكين الدولية للثقافة و السلام، و رئيس جمعية ابن بطوطة للصداقة الصينية المغربية، و مدير متحف هيوان ، كذلك السيدة جاو لي رونج نائبة مدير متحف هيوان و البروفيسور وو فو جوي الخبير الصيني الشهير في اللغة العربية و القنصل السابق للصين في الشرق الأوسط ، تم تحقيق هذه الأمنية .
كما أن هذه المبادرة تتماشى مع المبادرة التاريخية التي أعلن عنها الرئيس شي جين بينغ سنة 2013 تحت عنوان مبادرة الحزام و الطريق أو حزام واحد و طريق واحد ،و التي من أهم أهدافها إحياء طريق الحرير البري و البحري القديم بحيث يعم التعاون و التكامل الإقتصادي بين كل الدول القابعة على الطريقين البري والبحري . و لا يمكن أن نجد كتابا يقربنا من تلك الدول و يعطينا صورة عن أوضاع دول طريق الحرير القديم مثل كتاب “تحفة النظار في غرائب الأمصار و عجائب الأسفار “و الذي يدون لرحلات الرحالة الكبير ابن بطوطة . هذا الكتاب يعتبر وثيقة تاريخية مهمة تستحق الدراسة من جميع الجوانب سواء كانت سياسية أو إجتماعية أو اقتصادية أو نفسية أو أدبية و غير ذلك مما يحتويه الكتاب . إضافة إلى ذلك فهذه المبادرة القيمة ستمكن من العمل على مزيد من توطيد العلاقات مابين طرفي الحزام و الطريق الا وهي الصين و المغرب ، و ستساهم في توطيد العلاقة بين الشعبين و البلدين المغرب و الصين ،كما ستفتح المجال لمبادلات ثقافية واسعة و دراسات معمقة لتاريخ العلاقات المغربية الصينية ، وقيمتها التاريخية و الثقافية في التنمية السياسية و الإقتصادية والاجتماعية .
والمغرب بحكم موقعه الجغرافي الإستراتيجي المتميز حيث يقع شمال غرب إفريقيا ،فشمالا البحر الأبيض المتوسط الذي يطل من خلاله على أوروبا و غربا المحيط الأطلسي و جنوبا جذوره الإفريقية و شرقا ارتباطه بالعالم العربي ،مما جعل المغرب يلعب دورا تاريخيا في الربط بين الشرق وأوروبا من جهة و الشرق و إفريقيا من جهة أخرى بحيث أن القوافل التجارية التي كانت تأتي من الشرق عبر طريق الحرير يأخذ جزء كبير منها طريقه عبر ما كان يسمى بطريق الدهب و الملح و الذي ينطلق من مدينة سجلماسة نحو دول جنوب الصحراء المغربية مثل مالي و السينيغال و غينيا أو إفريقيا الغربية بل حتى السودان .
و من عجيب الصدف أن رحلات ابن بطوطة لم تكن نحو الشرق فقط بل كان لها شق آخر انطلقت جنوبا من سجلماسة إلى تومبوكتو بمالي و بذلك يكون ابن بطوطة قد ربط في رحلاته بين طريق الحرير البري والبحري و طريق الدهب . فالربط بين الطريقين ينسجم مع ما يتوق إليه كل من الرئيس الصيني شي جينغ بينغ و العاهل المغربي محمد السادس ففي قمة منتدى التعاون الصيني الإفريقي الذي انعقد في سنة 2015 وجه جلالة الملك محمد السادس رسالة للمؤتمر من بين ما جاء فيها : ( وفي هذا الصدد أود أن أشيد بمبادرة الرئيس شي جين بينغ الذي أطلق “الحزام الإقتصادي للطريق الجديدة طريق البحري للقرن 21. إن هذه المبادرة تنم عن رؤية استراتيجية حقيقية للعلاقات الثنائية و المتعددة الأطراف ، و تسعى لتعزيز الروابط التي تجمع بين آسيا و أوروبا و إفريقيا . و هذا يمكن للمملكة المغربية بفضل موقعها الجيوستراتيجي أن تلعب دورا بناء في ضمان امتداد طريق الحرير البحري ، ليس فقط نحو الواجهة الأطلسي لأوروبا ، بل و بصفة خاصة نحو بلدان غرب إفريقي ، التي تجمعها ببلدي روابط متعددة الأبعاد ).
و المغرب تربطه دوما علاقات متميزة مع الصين بحيث يعتبر ثاني دولة إفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين و عرفت هذه العلاقات تطورا كبيرا بعد الزيارة التاريخية التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس سنة 2016 الى الصين و توقيعه اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين المغرب الصين و رفع التأشيرة على الصينيين المتوجهين الى المغرب مما رفع من عدد السواح الصينيين المتوجهين الى المغرب و تعرفهم على المناطق السياحية الجذابة و الاستمتاع بمناظره الخلابة و جوه المعتدل .
و هكذا يظهر لنا جليا أهمية دراسة رحلات ابن بطوطة دراسة عميقة تخدم بشكل كبير مبادرة الرئيس الصيني شي جين بينغ و العلاقات المغربية الصينية.
إنني كرئيس لجمعية الصداقة و التبادل المغربية الصينية لا يسعني سوى أن أعرب عن جزيل الشكر لكل من قام بمبادرة إحداث مركز الأبحاث و الدراسات لابن بطوطة ،و أشكر بالخصوص صديقي البروفيسور وو فوجوي الذي قام ويقوم بمجهودات كبيرة من أجل توطيد الصداقة و التعاون بين الشعبين المغربي و الصيني و قد نشر الكثير من المقالات للتعريف بالمغرب و ثقافته و التعريف بعدد من الشخصيات المغربية المهتمة بالعلاقات المغربية الصينية .، و إننا كجمعية الصداقة والتبادل المغربية الصينية سنعمل جاهدين من أجل إنجاح هذا المشروع المهم و المتميز.
الدكتور محمد خليل رئيس لجمعية الصداقة و التبادل المغربية الصينية